معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

قوله تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } يعني : عبدة الأوثان ، { إن الله يفصل بينهم } يحكم بينهم . { يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

ثم بين - سبحانه - أن مرد الفصل بين الفرق المختلفة إليه وحده . إذ هو العليم بكل ما عليه كل فرقة من حق أو باطل ، فقال - تعالى - : { إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ . . . } .

فى هذه الآية الكريمة حدثنا القرآن عن ست فرق من الناس : أما الفرقة الأولى ، فهى : فرقة الذين آمنوا ، والمراد بهم : الذين آمنوا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وصدقوه واتبعوه .

وابتدأ القرآن بهم ، للإشعار بأن دين الإسلام هو الدين الحق ، القائم على أساس أن الفوز برضا الله - تعالى - لا ينال إلا الإيمان والعمل الصالح ، ولا فضل لأمة على أمة إلا بذلك ، كما قال - تعالى - : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ } وأما الفرقة الثانية فهى فرقة الذين هادوا أى : صاروا يهودا . يقال : هاد فلان وتهود أى : دخل فى اليهودية .

وسموا يهودا نسبة إلى " يهوذا " أحد أولاد يعقوب - عليه السلام - ، وقلبت الذال دال عند التعريب . أو سموا يهودا حين تابوا من عبادة العجل مأخوذ من هاد يهود هودا بمعنى تاب . ومنه قوله - تعالى - : { إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ } أى : تبنا إليك .

والفرقة الثالثة هى فرقة " الصابئين " جمع صابئ ، وهو الخارج من دين إلى آخر .

يقال : صبأ الظِّلْف والناب والنجم - كمنع وكرم - إذا طلع .

والمراد بهم : الخارجون من الدين الحق إلى الدين الباطل . وهم قوم يعبدون الكواكب والملائكة ويزعمون أنهم على دين صابئ بن شيث ابن آدم .

والفرقة الرابعة هى فرقة " النصارى " جمع نصران بمعنى نصرانى كندامى وندمان . والياء فى نصرانى للمبالغة ، وهم قوم عيسى - عليه السلام - ، قيل : سموا بذلك لأنهم كانوا أنصارا له : وقيل : إن هذا الاسم مأخوذ من الناصرة ، وهى القرية التى كان عيسى قد نزل بها .

وأما الفرقة الخامسة فهى فرقة " المجوس " وهم قوم يعبدون الشمس والقمر والنار . وقيل : هم قوم أخذوا من دين النصارى شيئاً ، ومن دين اليهود شيئاً ، ويقولون : بأن للعالم أصلين : نوراً وظلمة . . .

وأما الفرقة السادسة والأخيرة فهى فرقة الذين أشركوا . والمشهودر أنهم عبدة الأصنام والأوثان ، وقيل ما يشملهم ويشمل معهم كل من اتخذ مع الله - تعالى - إلها آخر .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } بيان لما سيكون عليه حالهم جميعاً يوم القيامة ، من حكم عادل سيحكم الله - تعالى - به عليهم .

أى : إن الله تعالى يحكم بين هؤلاء جميعاً بحكمه العادل يوم القيامة ، إنه - سبحانه - على كل شىء شهيد ، بحيث لا يخفى عليه شىء من أحوال خلقه .

قال الجمل ما ملخصه : ولهذه الآية قيل : الأديان ستة . واحد للرحمن وهو الإسلام . وخمسة للشيطان وهى ما عداه . وإنَّ الثانية واسمها وخبرها فى محل رفع خبر لإن الأولى .

وقوله : { إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } تعليل لقوله : { إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ . . } وكأن قائلاً قال : أهذا الفصل عن علم أو لا ؟ فقيل : إن الله على كل شىء شهيد . أى : علم به علم مشاهدة " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

فأما الفرق المختلفة في الاعتقاد فأمرها إلى الله يوم القيامة ، وهو العليم بكل ما في عقائدها من حق أو باطل ، ومن هدى أو ضلال :

( إن الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئين ، والنصارى ، والمجوس ، والذين أشركوا . . إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ، إن الله على كل شيء شهيد ) . .

وقد سبق تعريف هذه الفرق . وهي تذكر هنا بمناسبة أن الله يهدي من يريد ، وهو أعلم بالمهتدين والضالين ، وعليه حساب الجميع ، والأمر إليه في النهاية ، وهو على كل شيء شهيد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين ، ومن سواهم من اليهود والصابئين - وقد قدمنا في سورة " البقرة " التعريف بهم ، واختلافَ الناس فيهم - والنصارى والمجوس ، والذين أشركوا فعبدوا غير الله معه ؛ فإنه تعالى { يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } ، ويحكم بينهم بالعدل{[20054]} ، فيدخل من آمن به الجنة ، ومن كفر به{[20055]} النار ، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم ، حفيظ لأقوالهم ، عليم بسرائرهم ، وما تُكِن ضمائرهم .


[20054]:- في ت : "بالعذاب".
[20055]:- في ت ، أ : "إلى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالصّابِئِينَ وَالنّصَارَىَ وَالْمَجُوسَ وَالّذِينَ أَشْرَكُوَاْ إِنّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } .

يقول تعالى ذكره : إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف ، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام ، والذين هادوا ، وهم اليهود والصابئين والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها ، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله ، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله فذلك هو الفصل من الله بينهم .

وكان قَتادة يقول في ذلك ، ما :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : إنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هادُوا وَالصّابئِينَ والنّصَارَى والمَجُوسَ وَالّذِينَ أشْرَكُوا قال : الصابئون : قوم يعبدون الملائكة ، ويصلّون للقبلة ، ويقرءون الزبور . والمجوس : يعبدون الشمس والقمر والنيران . والذين أشركوا : يعبدون الأوثان . والأديان ستة : خمسة للشيطان ، وواحد للرحمن .

وأدخلت «إنّ » في خبر «إنّ » الأولى لما ذكرت من المعنى ، وأن الكلام بمعنى الجزاء ، كأنه قيل : من كان على دين من هذه الأديان ففصل ما بينه وبين من خالفه على الله . والعرب تدخل أحيانا في خبر «إنّ » «إنّ » إذا كان خبر الاسم الأوّل في اسم مضاف إلى ذكره ، فتقول : إنّ عبد الله إنّ الخير عنده لكثير ، كما قال الشاعر .

إنّ الخَلِيفَةَ إنّ اللّهَ سَرْبَلَهُ *** سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَوَاتِيمُ

وكان الفرّاء يقول : من قال هذا لم يقل : إنك إنك قائم ، ولا إن إياك إنه قائم لأن الاسمين قد اختلفا ، فحسن رفض الأوّل ، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفاق .

وقوله : إنّ اللّهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يقول : إن الله على كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جلّ ثناؤه ، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفى عنه شيء من ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (17)

فذلكة لما تقدم ، لأنه لما اشتملت الآيات السابقة على بيان أحوال المترددين في قبول الإسلام كان ذلك مثاراً لأن يتساءل عن أحوال الفرق بعضهم مع بعض في مختلف الأديان ، وأن يسأل عن الدين الحق لأن كل أمة تدَّعي أنها على الحق وغيرها على الباطل وتجادل في ذلك .

فبينت هذه الآية أن الفصل بين أهل الأديان فيما اختصموا فيه يكون يوم القيامة ، إذ لم تفدهم الحجج في الدنيا .

وهذا الكلام بما فيه من إجمال هو جار مجرى التفويض ، ومثله يكون كناية عن تصويب المتكلم طريقته وتخطئته طريقة خصمه ، لأن مثل ذلك التفويض لله لا يكون إلا من الواثق بأنه على الحق وهو كقوله تعالى : { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير } [ الشورى : 15 ] وذلك من قبيل الكناية التعريضية .

وذِكر المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين تقدم في آية البقرة وآية العقود .

وزاد في هذه الآية ذكر المجوس والمشركين ، لأن الآيتين المتقدمتين كانتا في مساق بيان فضل التوحيد والإيمان بالله واليوم الآخر في كل زمان وفي كل أمة . وزيد في هذه السورة ذكر المجوس والمشركين لأن هذه الآية مسوقة لبيان التفويض إلى الله في الحكم بين أهل المِلل ، فالمجوس والمشركون ليسوا من أهل الإيمان بالله واليوم الآخر .

فأما المجوس فهم أهل دين يثبت إلهين : إلهاً للخير ، وإلهاً للشرّ ، وهم أهل فارس . ثم هي تتشعب شعباً تأوي إلى هذين الأصلين . وأقدم النِحَل المجوسية أسسها ( كيومرث ) الذي هو أول ملك بفارس في أزمنة قديمة يظن أنها قبل زمن إبراهيم عليه السلام ، ولذلك يلقب أيضاً بلقب ( جل شاه ) تفسيره : ملك الأرض . غير أن ذلك ليس مضبوطاً بوجه علمي وكان عصرُ ( كيومرث ) يلقب ( زروان ) أي الأزل ، فكان أصل المجوسية هم أهل الديانة المسماة : الزروانية وهي تثبت إلهين هما ( يَزدَان ) و ( أهْرُمُن ) . قالوا : كان يَزذان منفرداً بالوجود الأزلي ، وأنه كان نُورانياً ، وأنه بقي كذلك تسعة آلاف وتسعين سنة ثم حدث له خاطر في نفسه : أنه لو حَدَث له منازع كيف يكون الأمر فنشأ من هذا الخاطر موجود جديد ظلماني سمي ( أهْرُمُن ) وهو إله الظلمة مطبوعاً على الشرّ والضرّ . وإلى هذا أشار أبو العلاء المعرّي بقوله في لزومياته :

قال أناسٌ باطل زعمهُم *** فراقِبُوا الله ولاَ تَزعُمُنْ

فكّرَ يَزدانُ على غِرّة *** فصيغ من تفكيره أهْرُمُن

فحدث بين ( أهْرُمن ) وبين ( يزدان ) خلاف ومحاربة إلى الأبد . ثمّ نشأت على هذا الدّين نحل خُصّت بألقاب وهي متقاربة التعاليم أشهرها نحلة ( زَرَادَشْت ) الذي ظهر في القرن السادس قبل ميلاد المسيح ، وبه اشتهرت المجوسية . وقد سمي إله الخير ( أهُورَا مَزْدَا ) أو ( أرمزد ) أو ( هرمز ) ، وسمي إله الشرّ ( أهْرُمن ) ، وجعل إله الخير نوراً ، وإله الشر ظلمة .

ثم دعا الناس إلى عبادة النار على أنها مظهر إله الخير وهو النّور .

ووسّع شريعة المجوسية ، ووضع لها كتاباً سمّاه « زَندافستا » . ومن أصول شريعته تجنّب عبادة التماثيل .

ثم ظهرت في المجوس نِحلة « المَانوية » ، وهي المنسوبة إلى ( مَاني ) الذي ظهر في زمن سابور بن أردشير ملك الفرس بين سنة 238 وسنة 271م .

وظهرت في المجوس نحلة ( المزدكية ) ، وهي منسوبة إلى ( مَزدك ) الذي ظهر في زمن قُباذ بين سنة 487 وسنة 523م . وهي نحلة قريبة من ( المانوية ) ، وهي آخر نحلة ظهرت في تطور المجوسيّة قبل الفتح الإسلامي لبلاد الفرس .

وللمجوسية شبه في الأصل بالإشراك إلا أنها تخالفه بمنع عبادة الأحجار ، وبأن لها كتاباً ، فأشبهوا بذلك أهل الكتاب . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم : " سُنوا بهم سنة أهل الكتاب " أي في الاكتفاء بأخذ الجزية منهم دون الإكراه على الإسلام كما يُكره المشركون على الدخول في الإسلام .

وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى : { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين } في [ سورة النحل : 51 ] .

وأعيدت ( إنّ ) في صدر الجملة الواقعة خبراً عن اسم ( إنّ ) الأولى توكيداً لفظياً للخبر لطول الفصل بين اسم ( إن ) وخبرها . وكون خبرها جملة وهو توكيد حسن بسبب طول الفصل . وتقدم منه قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } في [ سورة الكهف : 30 ] . وإذا لم يطل الفصل فالتوكيد بإعادة ( إن ) أقل حُسناً كقول جرير :

إنّ الخليفة أنّ الله سربلَه *** سِربال مُلك به تُزْجَى الخواتيم

ولا يحسن إذا كان مبتدأ الجملة الواقعة خبراً ضميرَ اسم ( إنّ ) الأولى كما تقول : إن زيداً إنه قائم ، بل لا بد من الاختلاف ليكون المؤكد الثاني غير الأول فتقبل إعادة المؤكد وإن كان المؤكّد الأول كافياً .

والفصل : الحكم ، أي يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه من تصحيح الديانة .

وجملة { إن الله على كل شيء شهيد } مستأنفة استئنافاً ابتدائياً للإعلام بإحاطة علم الله بأحوالهم واختلافهم والصحيح من أقوالهم .