معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

قوله تعالى : { ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق } أي : سبع سموات ، سميت طرائق لتطارقها ، وهو أن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقت النعل إذا جعلت بعضه فوق بعض . وقيل : سميت طرائق لأنها طرائق الملائكة . { وما كنا عن الخلق غافلين } أي كنا لهم حافظين من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم كما قال الله تعالى : { ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه } وقيل : ما تركناهم سدى بغير أمر ونهي . وقيل : وما كنا عن الخلق غافلين أي : بنينا فوقهم سماء أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

وبعد أن ساق - سبحانه - ما يدل على قدرته عن طريق خلق الإنسان فى تلك الأطوار المتعددة ، أتبع ذلك ببيان مظاهر قدرته عن طريق تلك الكائنات المختلفة ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا . . . . } .

الطرائق : جمع طريقة ، والمراد بها السموات السبع . وسميت طرائق لأن كل سماء فوق الأخرى ، والعرب تسمى كل شىء فوق شىء طريقة بمعنى مطروقة .

وهو مأخوذ من قولهم : فلان طرق النعل ، إذا ركب بعضها فوق بعض .

فالآية الكريمة فى معنى قوله - تعالى - : { الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } وقيل : سميت طرائق ، لأنها طرق الملائكة فى النزول والعروج .

أى : ولقد خلقنا فوقكم - أيها الناس - سبع سموات بعضها فوق بعض { وَمَا كُنَّا } فى وقت من الأوقات { عَنِ الخلق غَافِلِينَ } بل نحن معهم بقدرتنا ورعايتنا وحفظنا ، ندبر لهم أمور معاشهم ، ونيسر لهم شئون حياتهم دون أن نغفل عن شىء - مهما صغر - من أحوالهم ، لأننا لا تأخذنا سنة ولا نوم ، ولا يعترينا ما يعترى البشر من سهو أو غفلة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

17

( ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ) . .

والطرائق هي الطبقات بعضها فوق بعض . أو وراء بعض . وقد يكون المقصود هنا سبع مدارات فلكية . أو سبع مجموعات نجمية كالمجموعة الشمسية . أو سبع كتل سديمية . والسدم - كما يقول الفلكيون - هي التي تكون منها المجموعات النجمية . . وعلى أية حال فهي سبع خلائق فلكية فوق البشر - أي إن مستواها أعلى من مستوى الأرض في هذا الفضاء - خلقها الله بتدبير وحكمة ، وحفظها بناموس ملحوظ : ( وما كنا عن الخلق غافلين ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

لما ذكر تعالى خَلْق الإنسان ، عطف بذكر خلق السموات السبع ، وكثيرًا ما يذكر تعالى خلق السموات والأرض{[20513]} مع خلق الإنسان ، كما قال تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } [ غافر : 57 ] . وهكذا في أول { الم } السجدة ، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها [ في ]{[20514]} صبيحة يوم الجمعة ، في أولها خَلْقُ السموات والأرض ، ثم بيان خلق الإنسان من سلالة من طين ، وفيها أمر المعاد والجزاء ، وغير ذلك من المقاصد .

فقوله : { سَبْعَ طَرَائِقَ } : قال مجاهد : يعني السموات السبع ، وهذه كقوله تعالى : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ } [ الإسراء : 44 ] ، { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا } [ نوح : 15 ] ، { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [ الطلاق : 12 ] . وهكذا قال هاهنا : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } أي : ويعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرُج فيها ، وهو معكم أينما كنتم ، والله بما تعملون بصير . وهو - سبحانه - لا يَحجبُ عنه سماء سماء ، ولا أرض أرضًا ، ولا جبل إلا يعلم ما في وَعْره ، ولا بحر إلا يعلم ما في قَعْره ، يعلم عدد ما في الجبال والتلال والرمال ، والبحار والقفار والأشجار ، { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] .


[20513]:- في أ : "السبع".
[20514]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد خلقنا فوقكم أيها الناس سبع سموات بعضهنّ فوق بعض والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة . وإنما قيل للسموات السبع سبع طرائق ، لأن بعضهنّ فوق بعض ، فكل سماء منهنّ طريقة .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ قال : الطرائق : السموات .

وقوله : وَما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلينَ يقول : وما كنا في خلقنا السموات السبع فوقكم عن خلقنا الذي تحتها غافلين ، بل كنا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم .