إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ } بيانٌ لخلقِ ما يحتاج إليه بقاؤُهم إثرَ بيانِ خلقِهم أي خلقنا في جهةِ العلوِّ من غيرِ اعتبارِ فوقيَّتِها لهم لأنَّ تلك النِّسبة إنما تعرَّض لها بعد خلقِهم { سَبْعَ طَرَائِقَ } هي السماوات السَّبعُ سُمِّيتْ بها لأنَّها طُورق بعضُها فوق بعضٍ مُطارقةَ النَّعلِ فإنَّ كلَّ ما فوقه مثلُه فهو طريقةٌ أو لأنَّها طرائقُ الملائكةِ أو الكواكبِ فيها مسيرُها { وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق } عن ذلك المخلوق الذي هو السماوات أو عن جميع المخلوقاتِ التي هي من جُملتِها أو عن النَّاسِ . { غافلين } مُهملين أمرَها بل نحفظُها عن الزَّوال والاختلالِ وندبر أمرَها حتَّى تبلغَ مُنتهى ما قُدِّر لها من الكمال حسبما اقتضتْهُ الحكمةُ وتعلقتْ به المشيئةُ ويصل إلى ما في الأرض منافعُها كما ينبئ عنه قولُه تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بقدر فأسكنه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون } .