فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ } اللام جواب قسم محذوف ، والجملة مبتدئة مشتملة على بيان خلق ما يحتاجون إليه ، بعد بيان خلق أنفسهم ، والمراد بالفوق جهة العلو من غير اعتبار فوقية لهم ، لأن تلك النسبة إنما تعرض لهم بعد خلقهم ، ووقت خلق السماوات لم نكن مخلوقين ، ولم تكن هي فوقنا ، بل خلقنا بعد ، قاله الحفناوي .

والطرائق هي السماوات ، قال الخليل والفراء والزجاج : سميت طرائق لأنها طورق بعضها فوق بعض ، كمطارقة النعل ، وكل ما فوقه مثله ، فهو طريقه ، قاله البيضاوي ، قال أبو عبيدة : طارقت الشيء جعلت بعضه فوق بعض ، والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة ، وقيل لأنها طرائق الملائكة في العروج والهبوط والطيران ، قاله الرازي ، وقيل لأنها طرائق الكواكب ومتقلباتها .

{ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } المراد بالخلق هنا المخلوق أي : وما كنا عن هذه السبع الطرائق وحفظها عن أن تقع على الأرض بغافلين ، وقال أكثر المفسرين : المراد الخلق كلهم بل حفظنا السماوات عن أن تسقط وحفظنا من في الأرض أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم أو تميد بهم الأرض أو يهلكون بسبب من الأسباب المستأصلة لهم ، ويجوز أن يراد نفي الغفلة عن القيام بمصالحهم وما يعيشهم ونفي الغفلة عن حفظهم وعن أعمالهم وأقوالهم .