معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

قوله تعالى : { من ورائهم } أمامهم ، { جهنم } يعني أنهم في الدنيا ممتعون بأموالهم ولهم في الآخرة النار يدخلونها ، { ولا يغني عنهم ما كسبوا } من الأموال ، { شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء } ولا ما عبدوا من دون الله من الآلهة ، { ولهم عذاب عظيم }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

{ مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ } أي : من قدامهم جهنم ؛ لأنهم يوجهون إليها بعد موتهم ، أو هي من خلفهم ؛ لأنهم معرضون عنها ، ومهملون لما يبعدهم عن دخولها .

والوراء : اسم يستمعل بمعنى الأمام والخلف ، لأنه يطلق على الجهة التى يواريها الشخص فتعم الخلف والأمام .

{ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً } أي : ولا يدفع عنهم ما كسبوه في الدنيا من اموال شيئا من العذاب ، ولو كان هذا الشيء يسيرا ، كما قال - تعالى - : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ الله شَيْئاً وأولئك هُمْ وَقُودُ النار }

فقوله { وَلاَ يُغْنِي } من الغناء - بفتح الغين - بمعنى الدفع والنفع ، ومنه قول الشاعر :

وقل غناء عنك مال جمعته . . . إذا صار ميراثا وواراك لاحد

{ وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ } أي : ولا يغني عنهم - أيضا - ما اتخذوه من دون الله - تعالى - من معبودات باطلة .

و { مَّا } في قوله { مَّا كَسَبُواْ } و { مَا اتخذوا } موصولة والعائد محذوف . ويصح أن تكون في الموضعين مصدرية .

{ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } لا يعلم مقدار شدته وهوله إلا الله - تعالى - وحده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

وهو عذاب حاضر قريب ؛ وإن كان موعده آتياً بعد حين . ولكنه في حقيقته قائم موجود :

( من ورائهم جهنم ) . .

ولفظ ( من ورائهم )مقصودة ظلاله فوق معناه . وظلاله . . أنهم لا يرونه لأنه من ورائهم ولا يتقونه لأنهم في غفلة عنه ؛ ولا يفوتهم فهم سيقعون فيه !

( ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ) . .

فليس شيء مما عملوا أو ملكوا بنافعهم شيئاً ، فعملهم - ولو صلح - هباء لا يقدرون على شيء منه ، وهو قائم على غير أساس من إيمان . وملكهم زائل لا يصاحبهم منه شيء فيه غناء . وأولياؤهم من دون الله - آلهة أو أعواناً وجنداً أو خلاناً - لا يملكون لهم نصراً ولا شفاعة .

( ولهم عذاب عظيم ) . .

فوق أنه مهين . فجرمهم في الاستهزاء بآيات الله قبيح يقتضي المهانة ، جسيم يقتضي جسامة التعذيب . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّن وَرَآئِهِمْ جَهَنّمُ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا اتّخَذُواْ مِن دُونِ اللّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : ومن وراء هؤلاء المستهزئين بآيات الله ، يعني من بين أيديهم . وقد بيّنا العلة التي من أجلها قيل لما أمامك ، هو وَرَاءك ، فيما مضى بما أغنى عن إعادته يقول : من بين أيديهم نار جهنم هم واردوها ، ولا يغنيهم ما كسبوا شيئا : يقول : ولا يغني عنهم من عذاب جهنم إذا هم عُذّبوا به ما كسبوا في الدنيا من مال وولد شيئا .

وقوله : وَلا ما اتّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أوْلِياءَ يقول : ولا آلهتهم التي عبدوها من دون الله ، ورؤساؤهم ، وهم الذين أطاعوهم في الكفر بالله ، واتخذوهم نُصراء في الدنيا ، تغني عنهم يومئذٍ من عذاب جهنم شيئا ولَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يقول : ولهم من الله يومئذٍ عذاب في جهنم عظيم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

{ من ورائهم جهنم } من قدامهم لأنهم متوجهون إليها ، أو من خلفهم لأنها بعد آجالهم . { ولا يغني عنهم } ولا يدفع عنهم . { ما كسبوا } من الأموال والأولاد . { شيئا } من عذاب الله . { ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء } أي الأصنام . { ولهم عذاب عظيم } لا يتحملونه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

وقوله : { أولئك } رد على لفظ كل أفاك ، لأنه اسم جنس له الصفات المذكورة بعد قوله : { من ورائهم جهنم } قال فيه بعض المفسرين معناه : من أمامهم ، وهذا نحو الخلاف الذي في قوله تعالى : { وكان وراءهم ملك }{[10262]} [ الكهف : 79 ] ولحظ قائل هذه المقالة الأمر من حيث تأول أن الإنسان كأنه من عمره يسير إلى جنة أو نار ، فهما أمامه ، وليس لفظ الوراء في اللغة كذلك ، وإنما هو ما يأتي خلف الإنسان ، وإذا اعتبر الأمر بالتقدم أو التأخر في الوجود ، على أن الزمان كالطريق للأشياء استقام الأمر ، فما يأتي بعد الشيء في الزمان فهو وراءه ، فكأن الملك وأخذه السفينة وراء ركوب أولئك إياها ، وجهنم وإحراقها للكفرة يأتي بعد كفرهم وأفعالهم ، وهذا كما تقول : افعل كذا وأنا من ورائك عضداً ، وكما تقول ذلك على التهديد ، أنا من وراء التقصي عليك ، ونحو هذا . وقوله تعالى : { ولا ما اتخذوا } يعني بذلك الأوثان .


[10262]:من الآية(79) من سورة (الكهف).