فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مِّن وَرَآئِهِمۡ جَهَنَّمُۖ وَلَا يُغۡنِي عَنۡهُم مَّا كَسَبُواْ شَيۡـٔٗا وَلَا مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (10)

{ مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ } أي من وراء ما هم فيه من التعزز بالدنيا والتكبر عن الحقّ جهنّم ، فإنها من قدّامهم لأنهم متوجهون إليها ، وعبر بالوراء عن القدّام ، كقوله : { مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ } [ إبراهيم : 16 ] وقول الشاعر :

أليس ورائي إن تراخت منيتي *** . . .

وقيل : جعلها باعتبار إعراضهم عنها ، كأنها خلفهم { وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً } أي لا يدفع عنهم ما كسبوا من أموالهم ، وأولادهم شيئًا من عذاب الله ، ولا ينفعهم بوجه من وجوه النفع { وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَاء } معطوف على { ما كسبوا } أي ولا يغني عنهم ما اتخذوا من دون الله أولياء من الأصنام ، و «ما » في الموضعين إما مصدرية ، أو موصولة ، وزيادة «لا » في الجملة الثانية للتأكيد { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } في جهنم التي هي من ورائهم .