معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَحۡشُرُ ٱلۡمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ وَفۡدٗا} (85)

قوله تعالى : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } أي : اذكر لهم يا محمد اليوم الذي يجمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته إلى الرحمن ، إلى جنته وفداً ، أي : جماعات ، جمع وافد ، مثل : راكب وركب ، وصاحب صحب . وقال ابن عباس : ركباناً . وقال أبو هريرة : على الإبل . وقال علي بن أبي طالب : ما يحشرون والله على أرجلهم ، ولكن على نوق ، رحالها الذهب ، ونجائب سرجها يواقيت ، إن هموا بها سارت ، وإن هموا بها طارت .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَحۡشُرُ ٱلۡمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ وَفۡدٗا} (85)

ثم بين - سبحانه - عاقبة المتقين ، وعاقبة المجرمين يوم القيامة فقال : { يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } و { يَوْمَ } ظرف منصوب بقوله : { لاَّ يَمْلِكُونَ . . } . أى : لا يملكون الشفاعة يوم نحشر المتقين . . . . ويجوز أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر أو احذر . . .

وقوله : { وَفْداً } جمع وافد . يقال : وفد فلان على فلان يفد وفدا ووفودا ، إذا أقدم عليه ، وفعله من باب وعد .

ويطلق الوفد على الجمع من الرجال الذين يفدون على غيرهم لأمر من الأمور الهامة ، وهم راكبون على دوابهم . وهذا الإطلاق هو المراد باللفظ هنا .

والمعنى : واذكر - أيها العاقل - يوم القيامة ، يوم نحشر المتقين إلى جنة الرحمن ، ودار كرامته راكبين على مراكب تنشرح لها النفوس وتسر لها القلوب .

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : يخبر الله - تعالى - عن أوليائه المتقين ، الذين خافوه فى الدار الدنيا ، واتبعوا رسله وصدقوهم ، أنه يحشرهم يوم القيامة وفدا إليه . والوفد هم القادمون ركبانا ومنه الوفود ، وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة . وهم قادمون على خير موفود إليه ، إلى دار كرامته ورضوانه .

وقال ابن أبى حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج . . . عن ابن مرزوق قال : يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها ، أطيبها ريحا ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أما تعرفنى ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله - تعالى - طيب ريحك وحسن وجهك . فيقول : أنا عملك الصالح . . . فهلم فاركبنى فذلك قوله : { يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً } .