ثم قال تعالى : /{ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا }[ 86 ] .
التقدير : إنما نعد أعمالهم لنجازيهم عليها يوم نحشر المتقين .
فالعامل{[44716]} في ( يوم ) ما دل عليه الكلام الأول وهو ( نجازيهم ) يوم كذا .
ومعنى الآية : يوم يجمع الله الذين اتقوا في الدنيا ، وخافوا عقابه إلى جزاء الرحمن ووعده .
( وفدا ) هو بمعنى جمع وافد ، ونصبه على الحال ، ووحد لأنه مصدر ، ( والوفد ) : الركبان .
قال علي رضي الله عنه : اما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنهم{[44717]} يوتون بنوق ، لم تر الخلائق مثلها ، عليها رحال الذهب ، أزمتها الزبرجد ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة{[44718]} .
وقال أبو هريرة : ( وفدا ) على الإبل{[44719]} .
وروى محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[44720]} : " يبعث الله الأنبياء يوم القيامة إذا حشروا ، على الدواب ، ويبعث صالح نبي الله على ناقته ، حتى يوافوا بالمؤمنين من أصحابهم المحشر ، ويبعث أبنائي الحسن والحسين{[44721]} على ناقتي العضباء{[44722]} والقصواء{[44723]} وأبعث أنا على البراق ، وخطوها عند أقصى طرفها . ويبعث بلال{[44724]} على ناقة من نوق الجنة ، ينادي بالأذان ، غضا ، حتى إذا بلغ{[44725]} . أشهد أن محمدا رسول الله ، شهد بها جميع الخلائق من المؤمنين والكافرين ، فيقبل ذلك من المؤمنين ، ويرد على غيرهم من أهل الشك{[44726]} والتكذيب .
وقيل{[44727]} : معنى ( وفدا ) أي : وافدين على ما تحبون . من كان يحب ركوب الخيل ، وفد على الله على خيل لا تروث ، ولا تبول ، لجمها من الياقوت الأحمر ، ومن الزبرجد الأخضر ومن الدر الأبيض ، وسرجها من السندس والاستبرق . ومن كان يحب الإبل ، فعلى نجائب لا تبعر ولا تبول ، أزمتها الياقوت والزبرجد ، ومن كان يحب السفن ، فعلى سفن من زبرجد أخضر ، وأمواج مثل ما بين السماء والأرض قد أمنوا الغرق والأهوال .
وروى{[44728]} عمرو بن قيس الملائي{[44729]} أن المؤمن إذا خرج من قبره ، استقبله أحسن صورة أطيبه ريحا . فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله عز وجل قد طيب ريحك ، وحسن صورتك ، فيقول : كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك الصالح ، طالما ركبتك ، فاركبني أنت اليوم ، وتلا { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا }{[44730]} .
قال قتادة : ( وفدا ) إلى الجنة{[44731]} .
وقال ابن جريج : على النجائب{[44732]} .
وقال الثوري : على الإبل والنوق{[44733]} .
وفي هذا الخبر إيماء إلى الجزاء والثواب ، لأن الوفد هم الواردون على الملوك ، المنظرون العطاء والبر والإكرام منهم .
ورويَ{[44734]} أن المؤمن يستقبله عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها{[44735]} وأطيبه ريحا ، فيقول : من أنت ؟ {[44736]} فيقول : أما تعرفني ؟ فيقول لا ، إلا أن الله تبارك وتعالى [ قد ]{[44737]} طيب ريحك ، وحسن وجهك{[44738]} ، فيقول : أنا عملك الصالح ، هكذا كنت في الدنيا حسن العمل ، طيبه ، فطالما ركبتك في الدنيا ، فهلم اركبني . فذلك قوله تعالى : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا }قال : ويستقبل الكافر أو{[44739]} قال الفاجر عند خروجه من قبره أقبح صورة رآها ، وأنتنها ريحا فيقول : من أنت ؟ فيقول : أما تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله تبارك وتعالى قد قبح وجهك ، وأنتن ريحك . فيقول : أنا عملك الخبيث ، هكذا كنت في الدنيا خبيث العمل منتنه ، فطالما ركبتني في الدنيا فهلم أركبك ، فيركبه ، فذلك قوله تعالى : { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم }{[44740]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.