الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَوۡمَ نَحۡشُرُ ٱلۡمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ وَفۡدٗا} (85)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث ، عن ابن عباس في قوله : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : ركباناً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن أبي هريرة { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : على الإبل .

وأخرج عبد بن حميد ، عن أبي سعيد رضي الله عنه { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت ، ومن أي لون شاء .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : إلى الجنة .

وأخرج عبد بن حميد ، عن الربيع { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : يفدون إلى ربهم ، فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون .

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق : راغبين ، وراهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير ، وتحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا » .

وأخرج ابن مردويه ، عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قال : أما والله ما يحشرون على أقدامهم ، ولا يساقون سوقاً ، ولكنهم يؤتون من الجنة ، لم تنظر الخلائق إلى مثلها : رحالها الذهب ، وأزمتها الزبرجد ، فيقعدون عليها ، حتى يقرعوا باب الجنة .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث ، عن علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } فقال : أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقاً ، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة ، لم تنظر الخلائق إلى مثلها ، عليها رحال الذهب ، وأزمتها الزبرجد ، فيركبون عليها ، حتى يطرقوا باب الجنة .

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق ، عن علي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً } قلت : يا رسول الله ، هل الوفد إلا الركب ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مثل مد البصر ، وينتهون إلى باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء ، على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان ، فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى ، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً ، فيضربون بالحلقة على الصفيحة ، فلو سمعت طنين الحلقة يا علي ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتستخفها العجلة ، فتبعث قيمها فيفتح له الباب ، فإذا رآه خر له ساجداً ، فيقول : ارفع رأسك فإنما أنا قيمك ، وكلت بأمرك . فيتبعه ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة ، فتخرج من خيام الدر والياقوت ، حتى تعتنقه ، ثم تقول : أنت حبي ، وأنا حبك وأنا الراضية ، فلا أسخط أبداً ، وأنا الناعمة فلا أبأس أبداً ، وأنا الخالدة فلا أموت أبداً ، وأنا المقيمة فلا أظعن أبداً ، فيدخل بيتاً من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر ، وطرائق خضر ، وطرائق صفر ، ما منها طريقة تشاكل صاحبتها . وفي البيت سبعون سريراً ، على كل سرير سبعون فراشاً ، عليها سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الحلل ، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، تجري من تحتهم الأنهار ؛ أنهار مطردة { أنهار من ماء غير آسن } [ محمد : 15 ] صاف ليس فيه كدور { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } [ محمد : 15 ] ولم يخرج من ضروع الماشية . { وأنهار من خمر لذة للشاربين } [ محمد : 15 ] لما يعصرها الرجال بأقدامها . { وأنهار من عسل مصفى } [ محمد : 15 ] لم يخرج من بطون النحل ، فيستحلي الثمار فإن شاء أكل قائماً ، وإن شاء أكل قاعداً ، وإن شاء أكل متكئاً ، فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها ، أي لون شاء ، ثم تطير فتذهب ، فيدخل الملك فيقول : { سلام عليكم } [ الزمر : 73 ] { تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الأعراف : 43 ] » .

وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق مسلم بن جعفر البجلي قال : سمعت أبا معاذ البصري : أن علياً قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده ، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق لها أجنحة عليها رحال الذهب ، شرك نعالهم نور تلألأ ، كل خطوة منها مد البصر ، فينتهون إلى شجرة ، ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما ، فيغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى ، فلا تشعث أبشارهم ، ولا أشعارهم بعدها أبداً ، وتجري عليهم نضرة النعيم ، فيأتون باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفحة ، فيسمع لها طنين فيبلغ كل حوراء : أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيمها فيفتح له ، فإذا رآه خر له ساجداً فيقول : ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك ، فيتبعه ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وإنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن ، فيدخل بيتاً من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق : أصفر وأحمر وأخضر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها ، في البيت سبعون سريراً ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من باطن الحلل ، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، الأنهار من تحتهم تطرد : { أنهار من ماء غير آسن } [ محمد : 15 ] قال : صاف لا كدر فيه ، { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } [ محمد : 15 ] قال : لم يخرج من ضروع الماشية ، { وأنهار من خمر لذة للشاربين } [ محمد : 15 ] قال : لم تعصرها الرجال بأقدامها ، { وأنهار من عسل مصفى } [ محمد : 15 ] قال : لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار ، فإن شاء أكل قائماً وإن شاء أكل قاعداً ، وإن شاء أكل متكئاً . ثم تلا { ودانية عليهم ظلالها } [ الإنسان : 14 ] الآية . فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال : أخضر ، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول : { سلام عليكم } { تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } » .