أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ} (67)

{ الأخلاء } الأحباء . { يومئذ بعضهم لبعض عدو } أي يتعادون يومئذ لانقطاع العلق لظهور ما كانوا يتخالون له سببا للعذاب . { إلا المتقين } فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ} (67)

استئناف يفيد أمرين :

أحدهما : بيان بعض الأهوال التي أشار إليها إجمال التهديد في قوله : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] .

وثانيهما : موعظة المشركين بما يحصل يوم القيامة من الأهوال لأمثالهم والحَبرة للمؤمنين . وقد أوثر بالذكر هنا من الأهوال ما له مزيد تناسب لحال المشركين في تألبهم على مناواة الرّسول صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام ، فإنهم ما ألَّبَهم إلا تناصرهم وتوادّهم في الكفر والتباهي بذلك بينهم في نواديهم وأسمارهم ، قال تعالى حكاية عن إبراهيم : { وقال إنّما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودةَ بينكم في الحياة الدنيا ثم يومَ القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً } [ العنكبوت : 25 ] وتلك شنشنة أهل الشرك من قبل .

وفي معنى هذه الآية قوله المتقدم آنفاً { حتى إذا جَاآنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين } [ الزخرف : 38 ] .

و { الأخلاء } : جمع خليل ، وهو الصاحب الملازم ، قيل : إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلّل لصاحبه والممتزج به ، وتقدم في قوله : { واتّخذ الله إبراهيم خليلاً } في سورة النساء ( 125 ) . والمضاف إليه ( إذْ ) من قوله : { يومئذٍ } هو المعوَّضُ عنه التنوين دلّ عليه المذكور قبله في قوله : { من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] .

والعدوّ : المبغض ، ووزنه فَعول بمعنى فاعل ، أي عَادٍ ، ولذلك استوى جريانه على الواحد وغيره ، وَالمُذكر وغيره ، وتقدم عند قوله تعالى : { فإن كان من قومٍ عدوّ لكم } في سورة النساء ( 92 ) .

وتعريف { الأخلاء } تعريف الجنس وهو مفيد استغراقاً عرفياً ، أي الأخلاّء من فريقي المشركين والمؤمنين أو الأخلاء من قريش المتحدّث عنهم ، وإلاّ فإن من الأخلاء غير المؤمنين من لا عداوة بينهم يومَ القيامة وهم الذين لم يستخدموا خلتهم في إغراء بعضهم بعضاً على الشرك والكفر والمعاصي وإن افترقوا في المنازل والدرجات يوم القيامة .

و { يومئذ } ظرف متعلق بعدوّ ،

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ} (67)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: المتخالّون يوم القيامة على معاصي الله في الدنيا، بعضهم لبعض عدوّ، يتبرأ بعضهم من بعض، إلاّ الذين كانوا تخالّوا فيها على تقوى الله.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

تكون خِلّة أهل الكفر في ما بينهم في الدنيا عداوة في الآخرة... وأمّا خلّة الموحّدين في ما بينهم فهي خلّة في الدارين جميعا...

ويحتمل أن يكون قوله: {الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين} استثنى خلّة من اتقى النار بنفسه، ووقى صاحبه أيضا مما أمره بالطاعات لله تعالى والقيام بالخيرات، وزجره عن معاصيه ومخالفة أمره كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} [التحريم: 6]؛ وإنما يتقون تلك النار بالقيام بالأسباب التي أُمروا بالقيام بها والامتناع والانتهاء عما نهوا عنها، وزُجروا منها، فكلّ خلّة في ما بين المؤمنين على هذا الوجه فهي خلّة ومودة في الدارين جميعا، لا تصير عداوة لأنها لله تعالى وطلب مرضاته...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

إنهم أعداء في الدنيا؛ لأن كل واحد منهم زين للآخر ما يوبقه؛ وهو معنى قول مجاهد.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

كل أخوة تكون في الدنيا عن معصية تصير عداوة يوم القيامة، وكل أخوة تكون عن دين تبقى يوم القيامة...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

تنقطع في ذلك اليوم كل خلة بين المتخالين في غير ذات الله، وتنقلب عداوة ومقتا، إلا خلة المتصادقين في الله، فإنها الخلة الباقية المزدادة قوّة إذا رأوا ثواب التحاب في الله تعالى والتباغض في الله.

قيل: {إِلاَّ المتقين} إلا المجتنبين أخلاء السوء...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

الآية عامة في كل مؤمن ومتق وكافر ومضل...

التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :

{الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} الأخلاء جمع خليل وهو الصديق، وإنما يعادي الخليل خليله يوم القيامة؛ لأن الضرر دخل عليه من صحبته، ولذلك استثنى المتقين؛ لأن النفع دخل على بعضهم من بعض...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كانت الساعة تطلق على الحبس بالموت وعلى النشر بالحياة، بين ما يكون في الثاني الذي هم له منكرون من أحوال المبعوثين على طريق الاسئتناف في جواب من يقول: هل يقومون على ما هم عليه الآن؟ فقال: {الأخلاء} أي في الدار.

{يومئذ} أي إذ تكون الساعة وهي ساعة البعث التي هي بعض مدلول الساعة.

{بعضهم لبعض عدو} ولما ينكشف لهم من أن تأخيرهم في الحياة هو السبب في عذابهم، فيقول التابع للمتبوع: أنت غررتني فضررتني، ويقول المتبوع: بل أنت كبرتني فصغرتني، ورفعتني فوضعتني، ونحو هذا من الكلام المؤلم أشد الإيلام.

{إلا المتقين} الذين تقدم أمرهم بالتقوى وحثهم عليها.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن عداء الأخلاء لينبع من معين ودادهم.. لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر، ويملي بعضهم لبعض في الضلال، فاليوم يتلاومون. واليوم يلقي بعضهم على بعض تبعة الضلال وعاقبة الشر. واليوم ينقلبون إلى خصوم يتلاحون، من حيث كانوا أخلاء يتناجون!

(إلا المتقين).. فهؤلاء مودتهم باقية فقد كان اجتماعهم على الهدى، وتناصحهم على الخير، وعاقبتهم إلى النجاة..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

استئناف يفيد أمرين:

أحدهما: بيان بعض الأهوال التي أشار إليها إجمال التهديد في قوله: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} [الزخرف: 65].

وثانيهما: موعظة المشركين بما يحصل يوم القيامة من الأهوال لأمثالهم والحَبرة للمؤمنين. وقد أوثر بالذكر هنا من الأهوال ما له مزيد تناسب لحال المشركين في تألبهم على مناواة الرّسول صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، فإنهم ما ألَّبَهم إلا تناصرهم وتوادّهم في الكفر والتباهي بذلك بينهم في نواديهم وأسمارهم، قال تعالى حكاية عن إبراهيم: {وقال إنّما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودةَ بينكم في الحياة الدنيا ثم يومَ القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً} [العنكبوت: 25] وتلك شنشنة أهل الشرك من قبل.

وفي معنى هذه الآية قوله المتقدم آنفاً {حتى إذا جَاآنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} [الزخرف: 38].

و {الأخلاء}: جمع خليل، وهو الصاحب الملازم، قيل: إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلّل لصاحبه والممتزج به، وتقدم في قوله: {واتّخذ الله إبراهيم خليلاً} في سورة النساء (125). والمضاف إليه (إذْ) من قوله: {يومئذٍ} هو المعوَّضُ عنه التنوين دلّ عليه المذكور قبله في قوله {من عذاب يوم أليم} [الزخرف: 65].

والعدوّ: المبغض، ووزنه فَعول بمعنى فاعل، أي عَادٍ، ولذلك استوى جريانه على الواحد وغيره، وَالمُذكر وغيره، وتقدم عند قوله تعالى: {فإن كان من قومٍ عدوّ لكم} في سورة النساء (92).

وتعريف {الأخلاء} تعريف الجنس وهو مفيد استغراقاً عرفياً، أي الأخلاّء من فريقي المشركين والمؤمنين أو الأخلاء من قريش المتحدّث عنهم.