أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

{ وأنه هو أغنى وأقنى } وأعطى القنية وهو ما يتأثل من الأموال ، وإفرادها لأنها أشرف الأموال أو أرضى وتحقيقه جعل الرضا له قنية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

{ وأقنى } معناه : أكسب ، يقال : قنبت المال ، أي كسبته ، ثم يعدى بعد ذلك بالهمزة ، وقد يعدى بالتضعيف ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]

كم من غني أصاب الدهر ثروته*** ومن فقير يقنّى بعد إقلالِ{[10731]}

وعبر المفسرون عن { أقنى } بعبارات مختلفة . وقال بعضهم : { أقنى } معناه : أكسب ما يقتني ، وقال مجاهد معناه : أغنى وأرضى . وقال حضرمي معناه : أغنى عن نفسه { وأقنى } أفقر عباده إليه . وقال الأخفش : { أقنى } أفقر ، وهذه عبارات لا تقتضيها اللفظة ، والوجه فيها بحسب اللغة أكسب ما يقتني . وقال ابن عباس : { أقنى } قنع . والقناعة خير قنية ، والغنى عرض زائل ، فلله در ابن عباس .


[10731]:هذا البيت شاهد هنا على أن(قني) تتعدى بالتضعيف، و"كم" هنا للتكثير، وأصاب ثروته: أضاعها، فكأنه أنزل بها إصابة ماحقة، والإقلال: الفقر والحاجة، يقول: كثير من الأغنياء أصابهم الدهر فضاعت ثرواتهم، وكثير من الفقراء أغناهم الدهر وأكسبهم الثروة، ولم أقف على قائل هذا البيت.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

ومعنى { أغنى } جَعَل غنِيًّا ، أي أعطى ما به الغِنى ، والغنى التمكن من الانتفاع بما يحب الانتفاع به .

ويظهر أن معنى { أقنى } ضد معنى { أغنى } رعيا لنظائره التي زاوجت بين الضدين من قوله : { أضحك وأبكى } [ النجم : 43 ] و { أمات وأحيا } [ النجم : 44 ] ، و { الذكر والأنثى } [ النجم : 45 ] ، ولذلك فسره ابن زيد والأخفش وسليمان التميمي بمعنى أرضى .

وعن مجاهد وقتادة والحسن : { أقنى } : أخدَم ، فيكون مشتقاً من القِنّ وهو العبد أو المولود في الرّق فيكون زيادة على الإِغناء . وقيل : { أَقنى } : أعطى القنية . وهذا زيادة في الغنى . وعن ابن عباس : { أقنى } : أرضى ، أي أرضى الذي أغناه بما أعطاه ، أي أغناه حتى أرضاه فيكون زيادة في الامتنان .

والإِتيان بضمير الفصل لِقصر صفة الإِغناء والإِقناء عليه تعالى دون غيره وهو قصر ادعائي لِمقابلة ذهول الناس عن شكر نعمة الله تعالى بإسنادهم الأرزاق لوسَائله العادية ، مع عدم التنبه إلى أن الله أوجد مواد الإِرزاق وأسبابها وصرف موانعها ، وهذا نظير ما تقدم من القصر في قوله تعالى : { الحمد لله رب العالمين } [ الفاتحة : 2 ] .

وموقع جملة { وأنه هو أغنى وأقنى } كموقع جملة { وأن سعيه سوف يرى } [ النجم : 40 ] .