مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

ثم قال تعالى : { وأنه هو أغنى وأفنى } وقد ذكرنا تفسيره فنقول : { أغنى } يعني دفع حاجته ولم يتركه محتاجا لأن الفقير في مقابلة الغني ، فمن لم يبق فقيرا بوجه من الوجوه فهو غني مطلقا ، ومن لم يبق فقيرا من وجه فهو غني من ذلك الوجه ، قال صلى الله عليه وسلم : « أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم » وحمل ذلك على زكاة الفطر ، ومعناه إذا أتاه ما احتاج إليه ، وقوله تعالى : { أقنى } معناه وزاد عليه الإقناء فوق الإغناء ، والذي عندي أن الحروف متناسبة في المعنى ، فنقول لما كان مخرج القاف فوق مخرج الغين جعل الإقناء لحالة فوق الإغناء ، وعلى هذا فالإغناء هو ما آتاه الله من العين واللسان ، وهداه إلى الارتضاع في صباه أو هو ما أعطاه الله تعالى من القوت واللباس المحتاج إليهما وفي الجملة كل ما دفع الله به الحاجة فهو إغناء ؛ وكل ما زاد عليه فهو إقناء .