التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ} (78)

قوله تعالى { وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النّصير }

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج } ، الحرج : الضيق كما أوضحناه في أول سورة الأعراف . وقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن الحنيفة السمحة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنها مبنية على التخفيف والتيسير ، لا على الضيق والحرج ، وقد رفع الله فيها الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا . وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ذكره جل وعلا في غير هذا الموضع كقوله تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ، وقوله { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا }

قال النسائي : أنا هشام بن عمار ، نا محمد بن شعيب ، أنبأني معاوية بن سلام ، أن أخاه زيد بن سلام أخبره ، عن أبي سلام ، أنه أخبره قال : أخبرني الحارث الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم . قال رجل " يا رسول الله وإن صام وصلى ؟ قال : نعم ، وإن صام وصلى ، فادعوا بدعوى التي سمّاكم الله بها : المسلمين المؤمنين ، عباد الله " .

( التفسير2/94ح369 ) وهذا الإسناد حسن . وهذا الحديث جزء من حديث طويل أخرجه الطياليسي في مسنده ( رقم1161 ، 1162 ) ومن طريقه الترمذي ( 5/148 ح2863 ) ، وابن خزيمة في صحيحه ( 3/195ح1895 ) ، والحاكم في المستدرك ( 1/421 ) ، وأخرجه أحمد في المسند ( 4/130 ) وأبو يعلى في مسنده ( 3/140 ح1571 ) ، والطبراني في الكبير –مختصرا-( 3/327ح3431 ) ، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان8/43 ح6200 ) ، كلهم من طرق عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام به ، وأول الحديث : إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات . . . " فذكره مطولا ، وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم : " وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله . . . " الحديث ، وفيه " ومن دعا بدعوى الجاهلية . . . " إلخ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب . وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وقال الحافظ ابن كثير- وقد ساقه من رواية الإمام أحمد : هذا حديث حسن ( التفسير1/58-عند الآية ( 22 ) من سورة البقرة ) . وصححه الشيخ الألباني ( صحيح الترمذي رقم 2298 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، قوله : { هو سماكم المسلمين } يقول : الله سماكم .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله تعالى { هو سماكم المسلمين } قال : الله سماكم المسلمين من قبل .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم } أنه قد بلغكم أنتم { وتكونوا } أنتم { شهداء على الناس } أن الرسل قد بلّغتهم .