التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

قوله تعالى { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين }

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } ، اعلم أن التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرآنية واستقراء القرآن ، أن معنى قوله هنا : إنك لا تسمع الموتى لا يصح فيه من أقوال العلماء إلا تفسيران :

الأول أن المعنى : إنك لا تسمع الموتى : أي لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم ، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدى وانتفاع لأن الله كتب عليهم الشقاء ، فختم على قلوبهم ، وعلى سمعهم ، وجعل على قلوبهم الأكنة ، وفي آذانهم الوقر ، وعلى أبصارهم الغشاوة ، فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع : ومن القرائن القرآنية الدالة على ما ذكرنا أنه جل وعلا قال بعده : { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون } . . . التفسير الثاني : هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ، ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله { إنك لا تسمع الموتى } خصوص السماع المعاد الذي ينتفع صاحبه به ، وإن هذا مثل ضرب للكفار ، والكفار يسمعون الصوت ، لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه ، واتباع كما قال تعالى { ومثل الذين كفروا بربهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء نداء } ، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفي عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار ، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به ، وأما سماع آخر فلا ، وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله .

وانظر سورة البقرة آية ( 17 ) .