فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

والعلة الثانية قوله :{ إنك لا تسمع الموتى } أي : موتى القلوب وهم الكفار ، وفيه قطع طعمه عن متابعتهم ، معاضدتهم رأسا .

{ ولا تسمع الصم الدعاء } لأنه إذا علم أن حالهم كحال الموتى في انتفاء الجدوى بالسماع ، أو كحال الصم الذين لا يسمعون ، ولا يفهمون ولا يهتدون ، صار ذلك سببا قويا في عدم الاعتداء بهم ، شبه الكفار بالموتى الذين لا حس لهم ولا عقل ، وبالصم الذين لا يسمعون المواعظ ولا يجيبون الدعاء إلى الله ، وقرأ تسمع بضم الفوقية وكسر الميم من أسمع ؛ وقرأ بالتحتية مفتوحة وفتح الميم وفاعله الصم ؛ ثم ذكر سبحانه جملة لتكميل التشبيه وتأكيده فقال :

{ إذا ولوا مدبرين } أي أعرضوا عن الحق إعراضا تاما فإن الأصم لا يسمع الدعاء إذا كان مقبلا فكيف إذا كان مدبرا ؛ معرضا عنه موليا ؛ قال قتادة الأصم : إذا ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ما يدعي إليه من الإيمان . وظاهر نفي سماع الموتى العموم ، فلا يخص منه إلا ما ورد بدليل ، كما ثبت في الصحيح " أنه صلى الله عليه وسلم خاطب القتلى في قليب بدر فقيل له : يا رسول الله إنما تكلم أجسادا لا أرواح لها " وكذلك ما ورد من أن الميت يسمع خفق نعال المشيعين له إذا انصرفوا ،