السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

وقوله تعالى : { إنك لا تسمع الموتى } تعليل آخر للأمر بالتوكل من حيث إنه يقطع طمعه من معاضدتهم ، وإنما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم باستماع ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في قوله تعالى : { ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } أي : معرضين ، فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : { ولوا مدبرين } أجيب : بأنه تأكيد لحال الأصم لأنه إذا تباعد عن محل الداعي بأن تولى عنه مدبراً كان أبعد عن إدراك صوته ، وقرأ ابن كثير ولا يسمع بالياء التحتية المفتوحة وفتح الميم الصم برفع الميم ، والباقون بالتاء الفوقية مضمومة وكسر الميم الصم بالنصب ، وسهل نافع وابن كثير وأبو عمرو الهمزة الثانية من الدعاء إذاً كالياء مع تحقيق الأولى ، والباقون بتحقيقهما وهم على مراتبهم في المدّ .