فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

والعلة الثانية قوله : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } لأنه إذا علم أن حالهم كحال الموتى في انتفاء الجدوى بالسماع ، أو كحال الصمّ الذين لا يسمعون ولا يفهمون ولا يهتدون ، صار ذلك سبباً قوياً في عدم الاعتداد بهم ، شبه الكفار بالموتى الذين لا حسّ لهم ولا عقل ، وبالصمّ الذين لا يسمعون المواعظ ، ولا يجيبون الدعاء إلى الله . ثم ذكر جملة لتكميل التشبيه وتأكيده فقال : { إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } أي إذا أعرضوا عن الحق إعراضاً تاماً ، فإن الأصمّ لا يسمع الدعاء إذا كان مقبلاً فكيف إذا كان معرضاً عنه مولياً مدبراً . وظاهر نفي إسماع الموتى العموم ، فلا يخصّ منه إلاّ ما ورد بدليل كما ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم خاطب القتلى في قليب بدر ، فقيل له : يا رسول الله إنما تكلم أجساداً لا أرواح لها ، وكذلك ما ورد من أن الميت يسمع خفق نعال المشيعين له إذا انصرفوا . وقرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وابن أبي إسحاق : { لا يسمع } بالتحتية مفتوحة وفتح الميم ، وفاعله { لصمّ } . وقرأ الباقون { تسمع } بضم الفوقية ، وكسر الميم من أسمع . قال قتادة : الأصمّ إذا ولى مدبراً ، ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ما يدعى إليه من الإيمان .

/خ82