البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

ولما كان القرآن وما قص الله فيه لا يكاد يجدي عندهم ، أخبر تعالى عنهم أنهم موتى القلوب ، أو شبهوا بالموتى ، وإن كانوا أحياء صحاح الأبصار ، لأنهم إذا تلي عليهم لا تعيه آذانهم ، فكانت حالهم لانتفاء جدوى السماع كحال الموتى .

وقرأ الجمهور : { ولا تسمع الصم } هنا ، وفي الروم بضم التاء وكسر الميم ، الصم بالرفع ، ولما كان الميت لا يمكن أن يسمع ، لم يذكر له متعلق ، بل نفي الإسماع ، أي لا يقع منك إسماع لهم ألبتة لعدم القابلية .

وأما الأصم فقد يكون في وقت يمكن إسماعه وسماعه ، فأتى بمتعلق الفعل وهو الدعاء .

وإذا معمولة لتسمع ، وقيد نفي الإسماع أو السماع بهذا الطرف وما بعده على سبيل التأكيد لحال الأصم ، لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن يولي مدبراً ، كان أبعد عن إدراك صوته .

شبههم أولاً بالموتى ، ثم بالصم في حالة ،