اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (80)

{ إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } يعني الكفار ، وإنّما حسن جعله سبباً للأمر بالتوكل ، لأن الإنسان ما دام يطمع في أخذ شيء فإنه لا يقوى قلبه على إظهار مخالفته ، فإذا قطع طمعه عنه{[39457]} قوي قلبه على إظهار مخالفته ، فاللَّه تعالى قطع طمع محمد - عليه السلام{[39458]} - بأن بيَّن أنهم كالموتى وكالصم{[39459]} والعمي فلا يسمعون ولا يفهمون ولا يبصرون ولا يلتفتون إلى شيء من الدلائل ، وهذا سبب لقوة قلبه - عليه السلام{[39460]} - على إظهار الدين كما ينبغي{[39461]} .

قوله : { وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعاء } قرأ ابن كثير : «لاَ يَسْمَعُ » بالياء مفتوحة ، وفتح الميم «الصُّمُّ » رفع وكذلك في سورة الروم{[39462]} ، وقرأ الباقون بالتاء وضمها وكسر الميم «الصُّمَّ » نصب{[39463]} { إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } : معرضين . فإن قيل : ما معنى قوله : «وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ » وإذا كانوا صمّاً لا يسمعون{[39464]} سواء ولوا أو لم يولوا ؟ قيل ذكره تأكيداً ومبالغة ، وقيل : الأصم إذا كان حاضراً قد يسمع برفع الصوت ويفهم بالإشارة ، فإذا ولّى مُدبراً لم يسمع ولم يفهم{[39465]} .

قال قتادة : الأصم إذا ولّى مُدبراً ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ما يدعى إليه من الإيمان{[39466]} . والمعنى : إنهم لفرط إعراضهم عما يدعون{[39467]} إليه كالميّت الذي لا سبيل إلى إسماعه والأصم الذي لا يسمع{[39468]} .


[39457]:في ب: عند.
[39458]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[39459]:في ب: كالصم.
[39460]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[39461]:انظر الفخر الرازي 24/216.
[39462]:يشير إلى قوله تعالى: {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصمَّ الدعاء إذا ولَّوا مدبرين}[الروم: 52].
[39463]:السبعة (486، 508)، الكشف 2/165، النشر 2/339، الإتحاف (339).
[39464]:في ب: لا ينتفعون.
[39465]:انظر البغوي 6/304-305.
[39466]:انظر البغوي 6/305.
[39467]:في ب: يدعونه.
[39468]:انظر البغوي 6/305.