التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَمَن نُّعَمِّرۡهُ نُنَكِّسۡهُ فِي ٱلۡخَلۡقِۚ أَفَلَا يَعۡقِلُونَ} (68)

قوله تعالى { ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { ومن نعمره ننكسه في الخلق } يقول : من نمد له في العمر ننكسه في الخلق ، { لكيلا يعلم بعد علم شيئا } ، يعني : الهرم .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { ننكسه في الخلق } أي نقلبه فيه فنخلقه على عكس ما خلقنا من قبل ، وذلك أنا خلقناه على ضعف في جسده ، وخلو من عقل وعلم ، ثم جعلناه يتزايد وينتقل من حال إلى حال ، ويرتقي من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ أشده ويستكمل قوته وبعقل ويعلم ماله وما عليه ، فإذا انتهى نكسناه في الخلق ، فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حال شيبة كحال الصبي في ضعف جسده وقلة عقله وخلوه من العلم ، وأصل معنى التنكيس : جعل أعلى الشيء أسفله . وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى { الله الذي خلكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة } الآية ، وقوله تعالى { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين } الآية على أحد التفسيرين ، وقوله تعالى في الحج { ومنكم من رد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا } .