مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَن نُّعَمِّرۡهُ نُنَكِّسۡهُ فِي ٱلۡخَلۡقِۚ أَفَلَا يَعۡقِلُونَ} (68)

قوله تعالى : { ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون } فقد ذكرنا أن قوله تعالى : { ألم أعهد إليكم } [ يس : 60 ] قطع للأعذار بسبق الإنذار ، ثم لما قرر ذلك وأتمه شرع في قطع عذر آخر ، وهو أن الكافر يقول لم يكن لبثنا في الدنيا إلا يسيرا ، ولو عمرتنا لما وجدت منا تقصيرا ، فقال الله تعالى : أفلا تعقلون أنكم كلما دخلتم في السن ضعفتم وقد عمرناكم مقدار ما تتمكنون من البحث والإدراك ، كما قال تعالى : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } ثم إنكم علمتم أن الزمان كلما يعبر عليكم يزداد ضعفكم فضيعتم زمان الإمكان ، فلو عمرناكم أكثر من ذلك لكان بعده زمان الإزمان ، ومن لم يأت بالواجب زمان الإمكان ما كان يأتي به زمان الإزمان .