البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَن نُّعَمِّرۡهُ نُنَكِّسۡهُ فِي ٱلۡخَلۡقِۚ أَفَلَا يَعۡقِلُونَ} (68)

ولما ذكر تعالى الطمس والمسخ على تقدير المشبه ، ذكر تعالى دليلاً على باهر قدرته في تنكيس المعمر ، وأن ذلك لا يفعله إلا هو تعالى .

وتنكيسه : قلبه وجعله على عكس ما خلقه أولاً ، وهو أنه خلقه على ضعف في جسد وخلو من عقل وعلم ، ثم جعله يتزايد وينتقل من حال إلى حال ، إن أن يبلغ أشده وتستكمل قوته ، ويعقل ويعلم ما له وما عليه .

فإذا انتهى نكسه في الخلق ، فيتناقص حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبا في ضعف جسده وقلة عقله وخلوه من الفهم ، كما ينكس السهم فيجعل أعلاه أسفله ، وفي هذا كله دليل على أن من فعل هذه الأفاعيل قادر على أن يطمس وأن يفعل بهم ما أراد .

وقرأ الجمهور : { ننكسه } ، مشدداً ؛ وعاصم ، وحمزة : مخففاً .

وقرأ نافع ، وابن ذكوان ، وأبو عمرو في رواية عباس : تعقلون بتاء الخطاب ؛ وباقي السبعة : بياء الغيبة .