ننكسه في الخلق : نقلبه فيه ، فلا يزال ضعفه يتزايد ، وانتقاص بنيته يكثر ، بعكس ما كان عليه في بدء أمره ، حتى يُرَّد إلى أرذل العمر .
68 – { ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون } .
أي : ماذا ينتظر هؤلاء الكافرون الذين أعرضوا عن الهدى ، واستمروا في هذا الضلال ، إن الله تعالى إن شاء أعماهم أو مسخهم ، وحتى إذا تركوا على حالهم فلا بد أن تتقدم بهم السنّ ، حيث يردون إلى أرذل العمر ، فتضعف قواهم ، ويتحلون من النموّ والزيادة في حالة الطفولة والشباب ، إلى النقص والذبول في حالة الشيخوخة ، حيث يضعف السمع والبصر والجوارح .
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر " 27
وفي معنى الآية قوله تعالى : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } . [ الروم : 54 ] .
وقوله سبحانه : { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا . . . } [ الحج : 5 ]
والمراد من هذا – والله أعلم – الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال ، لا دار دوام واستقرار ، ولهذا قال عز وجلّ : { أفلا يعقلون } ؟
أي : يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم ، ثم صيرورتهم إلى سن الشيبة ، ثم إلى الشيخوخة ، ليعلموا أنهم خلقوا لدار أخرى ، لا زوال لها ، ولا انتقال منها ، ولا محيد عنها ، وهي الدار الآخرة 28 .
وجاء في هوامش المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما يأتي :
ومن نطل عمره نردّه إلى عكس ما كان عليه من القوة ، فيصبح ضعيفا ، وذلك لأن حياة الإنسان تأخذ ثلاث مراحل : نموّ ، ونضج ، وضمور النسيج الحشوي ، في الكلي والكبد والغدّة الدرقية والبنكرياس ، وهذا له أثر في إضعاف الجسم كله ، وتبدأ كذلك الشرايين في التصلّب والضمور ، وبذلك يقلّ الدم الذاهب إلى جميع أعضاء الجسم ، فيزيده ضعفا على ضعف ، ومن أسباب الشيخوخة زيادة قوى الهدم ، على قوى البناء في الجسم ، MCTABOLISM وذلك أن خلايا الجسم كلها في تغير مستمر ، وكذلك خلايا الدم ، ما عدا خلايا المخ والنخاع ، فإنها لا تتغير مدى الحياة ، فإذا كانت نسبة تجدد الخلايا كنسبة هلاكها ، لا تظهر الأعراض ، أما إذا زادت نسبة هلاك الخلايا ، على تجددها في أي عضو ، ظهر ضمور هذا العضو ، وعلى ذلك فكلما تقدمت السنّ تضاءلت نسبة التجدد ، وزادت نسبة الانحلال الخلوي ، وظهر الضمور العام ، وتختلف نسبة التجدد والضمور باختلاف نوع الأنسجة ، فالظاهر منها كالبشرة الكاسية للجسم ، والغشية المبطنة للقنوات الهضمية ، وقنوات الغدد ، تضمر بنسبة أكبر ، كلما تقدمت السنّ بالإنسان ، وهذا هو السبب المباشر لأعراض الشيخوخة . 29
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.