التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ} (20)

قوله تعالى { إن ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثُلثُه وطائفة مّن الذين معك والله يقدّر الليل والنهار علم أن لن تُحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسّر من القرآن علم أن سيكون منكم مّرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يُقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسّر منه وأقيموا الصّلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا } .

قال الحاكم : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنبأ ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير قال : حججت فدخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ألست تقرأ ( يا أيها المزمل ) قلت : بلى . قالت هو قيامه .

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ( المستدرك 2/505- ك التفسير ) ، ووافقه الذهبي ، وأخرجه محمد بن نصر المروزي من طريق ابن وهب به ، ( مختصر قيام الليل ص 8 ) . وأبو الزاهرية هو : حُدير بن كريب الحضرمي الحمصي معروف بالرواية عن جبير بن نفير وبرواية معاوية بن صالح عنه ( تهذيب الكمال 5/491 ) .

قال أبو داود : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عيسى ، عن زكريا ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أهل القرآن أوتروا ، فإن الله وتر يحب الوتر ) .

( السنن 2/61 ح 1416- ك الصلاة ، ب استحباب الوتر ) ، وأخرجه الترمذي ( السنن 2/316 ح453- ك الصلاة ، ب ما جاء أن الوتر ليس بحتم ) ، والنسائي ( الحسن 3/228- ك الصلاة ، ب الأمر بالوتر ) ، وابن ماجة ( السنن 1/370 ح 1169- ك إقامة الصلاة ، ب ما جاء في الوتر ) ، والحاكم ( المستدرك 1/300- ك الوتر ) أربعتهم من طريق أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق به . قال الترمذي : حديث حسن ، وقال الألباني : صحيح ( صحيح ابن ماجة 1/193 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { علم أن لن تحصوه } قيام الليل كتب عليكم { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : ثم أنبأ بخصال المؤمنين ، فقال : { علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه } قال : افترض الله القيام في أول هذه السورة .

قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، حدثني عروة أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاريّ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدتُ أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلّم فلببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تُقرئنيها فقال : أرسله ، اقرأ يا هشام ؟ فقرأ القراءة التي سمعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أُنزلت ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ يا عمر ؟ فقرأت فقال : كذلك أنزلت ، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه .

( الصحيح 13/530- ك التوحيد ، ب ( الآية ) ح 7550 ) ، وأخرجه مسلم ( الصحيح- الصلاة ، ب بيان أن القرآن على سبعة أحرف 1/560 ح 818 ) .

قال البخاري : حدثنا إسحاق بن منصور ، أخبرنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبيد الله ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد- فصلّى ثم جاء فسلّم عليه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ، ارجع فصلّ ، فإنك لم تصل . فرجع فصلّى . ثم جاء فسلّم ، فقال : وعليك السلام ، فارجع فصلّ فإنك لم تصل .

فقال في الثانية- أو في التي بعدها- علّمني يا رسول الله . فقال : ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبّر ، ثم اقرأ بما تيسّر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تستوي قائمان ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) .

وقال أبو أسامة في الأخير : ( حتى تستوي قائما ) .

( الصحيح 11/38-39 ح 6251- ك الإستئذان ، ب من ورد فقال : عليك السلام . . . ) ، وأخرجه مسلم ( الصحيح 1/298- ك الصلاة ، ب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فهما فريضتان واجبتان ، لا رخصة لأحد فيهما ، فأدوهما إلى الله تعالى ذكره .

قال ابن كثير : وقوله تعالى { وأقرضوا الله قرضا حسنا } يعني من الصدقات فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره ، كما قال { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } .

وانظر سورة البقرة آية ( 245 ) .

قال البخاري : حدثني عمر بن حفص ، حدثني أبي ، حدثنا الأعمش قال : حدثني إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد قال : قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ) ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه . قال : ( فإن ماله ما قدم ، ومال وارثه ما أخر ) .

( الصحيح 11/264-265 ح 6442 ك الرقاق ، ب ما قدم من مال فهو له ) .

قوله تعالى { وما تقدموا لأنفسكم مّن خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إنّ الله غفور رّحيم } .

انظر سورة البقرة آية ( 83 ) وفيها حديث مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه : ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) .