الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ} (20)

18

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن وسعيد بن جبير { علم أن لن تحصوه } قال : لن تطيقوه .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد { فاقرأوا ما تيسر منه } قال : أرخص عليهم في القيام { علم أن لن تحصوه } قال : أن لن تحصوا قيام الليل { فتاب عليكم } قال : ثم أنبأنا الله عن خصال المؤمنين فقال : { علم أن سيكون منكم مرضى } إلى آخر الآية .

وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن قتادة قال : فرض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها حولاً ، ثم أنزل التخفيف في آخرها ، فقال : { علم أن سيكون منكم مرضى } إلى قوله : { فاقرأوا ما تيسر منه } فنسخ ما كان قبلها ، فقال : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فريضتان واجبتان ليس فيهما رخصة .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم { يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام المسلمون معه حولاً كاملاً حتى تورمت أقدامهم ، فأنزل الله بعد الحول { إن ربك يعلم } إلى قوله : { ما تيسر منه } قال : الحسن : فالحمد لله الذي جعله تطوعاً بعد فريضة ، ولا بد من قيام الليل .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة { يا أيها المزمل قم الليل } الآية ، قال : لبثوا بذلك سنة فشق عليهم وتورمت أقدامهم ، ثم نسخها آخر السورة { فاقرأوا ما تيسر منه } .

وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، { فاقرأوا ما تيسر منه } قال : «مائة آية » .

وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن وحسناه عن قيس بن أبي حازم قال : صليت خلف ابن عباس فقرأ في أول ركعة بالحمد لله وأول آية من البقرة ، ثم ركع فلما انصرف أقبل علينا فقال : إن الله يقول : { فاقرأوا ما تيسر منه } .

وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن أبي سعيد قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : ما من حال يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إليّ من أن يأتيني وأنا بين شعبتي رحلي ألتمس من فضل الله ، ثم تلا هذه الآية { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله } .

وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من جالب يجلب طعاماً إلى بلد من بلاد المسلمين فيبيعه بسعر يومه إلا كانت منزلته عند الله منزلة الشهيد » ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله } .