- ثم قال : ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك . . . ) .
هذا حين فرض الله عليهم قيام الليل بقوله : ( قم الليل إلا قليلا ، نصفه أو انقص منه قليلا {[71224]} ، أو زد عليه ) .
فالمعنى على قراءة من خفض ( ونصفِه وثلثِه ) {[71225]} : إن ربك يا محمد يعلم {[71226]} أنك تقوم للصلاة أحيانا أدنى من ثلثي الليل [ وأحيانا أدنى ] {[71227]} من نصفه وأحيانا أدنى من ثلثه {[71228]} ، فأعلمه أنه [ لا ] {[71229]} علم له {[71230]} بالمقدار وأن الله هو العالم {[71231]} بمقدار الوقت {[71232]} الذي يقوم فيه . ودل على ذلك ( علم أن لن تحصوه ) أي : علم الله أنك لا تعرف مقدار قيامك {[71233]} .
فأما من قرأ بنصب ( نصفه وثلثه ) {[71234]} فمعناه : إن ربك يا محمد يعلم أنك تقوم للصلاة أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفَه وتقوم ثلثَه {[71235]} ، فيكون المعنى أن النبي قد أصاب المقدار في قيامه النصف : ( و ) {[71236]} الثلث ، ويكون قوله ( قم الليل إلا قليلا ) هو أدنى من الثلثين ( نصفه ) هو النصف ا لمذكور هنا ، ( أو انقص منه قليلا ) هو الثلث المذكور هنا ، ( أو زد عليه ) هو أدنى من الثلثين أيضا المذكور هنا . ويكون على هذا التأويل معنى ( أن لن تحصوه ) أي {[71237]} تطيقوه {[71238]} . وعلى القول الأول معناه : [ أن ] لن تعرفوا مقداره .
- وقوله : ( فتاب عليكم . . . )
أي تاب عليكم من فرض القيام إذ عجزتم وضعفتم عنه أي : رجع لكم إلى التخفيف عنكم {[71239]} . هذا كله ناسخ لفرض القيام في أول السورة {[71240]} .
- ثم قال : فاقرءوا ما تيسر من القرآن . . . )
أي : ما خف عليكم مما هو {[71241]} دون الثلث {[71242]} .
- ثم قال : ( علم أن سيكون منكم مرضى . . . )
أي : أنه سيكون منكم مرضى ( فلا يقدرون ) {[71243]} على القيام فخفف عنكم ذلك {[71244]} .
ثم قال/ : ( وءاخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله . . . )
أي : وعلم أنه سيكون منكم مسافرون للتجارة فيَشِق عليهم القيام [ لشغلهم ] {[71245]} مع تعبهم من سفرهم ، وعلم أن سيكون منكم آخرون يجاهدون العدو فيشق عليهم القيام لشغلهم مع عدوهم فخفف عنهم القيام لذلك .
- ثم قال : ( فاقرءوا ما تيسر منه . . . )
أي : من القرآن أي : ما خف عليكم {[71246]} .
قال الحسن بن سيرين : صلاة الليل فرض على كل مسلم لو قدر حلب شاة بقوله ( فاقرءوا ما تيسر منه ) {[71247]} قال الحسن : ولو خمسين آية {[71248]} .
وسأل الحسن عن رجل استظهر القرآن ولا يقوم به فقال : يتوسد {[71249]} القرآن ، لعن الله ذلك {[71250]} .
وقال السدي : ( ما تيسر منه ) : " مائة آية " {[71251]} .
وقال الحسن : ( من قرأ مائة آية في الليل لم يحاجه القرآن ) {[71252]} .
قال {[71253]} كعب {[71254]} : من قرأ مائة في ليلة كتب من القانتين {[71255]} .
وقيل : الآية منسوخة لأنه ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- {[71256]} أنه لا فرض {[71257]} إلا خمس صلوات ، وعلى ذلك أجمع المسلمون {[71258]} وهو الصواب إن شاء الله .
- ثم قال : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) .
يعني الفرض {[71259]} . من ذلك ، أي : أقيموا ذلك بحدوده وفروضه في أوقاته .
- ثم قال : ( وأقرضوا الله قرضا {[71260]} حسنا {[71261]} )
أي : أنفقوا في سبيله من أموالكم .
قال ابن زيد : القرض هنا : النوافل سوى الزكاة {[71262]} .
- ثم قال : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله . . . )
أي : ما تقدم في الدنيا من صدقة أو نفقة في سبيل الله أو غير ذلك {[71263]} من فعل الخير لطلب {[71264]} ما عند الله تجدوه في [ معادكم ] {[71265]} يجازيكم به الله {[71266]} .
- ثم قال : ( هو خير وأعظم أجرا ) . م : معاديكم .
أي : هو [ خير ] {[71267]} مما عملتم في الدنيا للدنيا ، وأعظم {[71268]} ثوابا عند الله {[71269]} .
- ثم قال : ( استغفروا الله إن الله غفور رحيم ) .
أي : واسألوا الله المغفرة ، إنه ( غفور ) ، أي : ذو غفران لذنوب المؤمنين والستر عليهم ( رحيم ) بهم أن يعذبهم على [ ذنوبهم ] {[71270]} بعد توبتهم منها وغفرانه لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.