نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذۡنِهِۦ وَسِرَاجٗا مُّنِيرٗا} (46)

{ وداعياً } أي للفريقين { إلى الله } أي إلى ما يرضي الذي لا أعظم منه بالقول والفعل ، {[55768]}وأعرى الدعاء عن المبالغة لأنه شامل للبشارة والنذارة والإخبار بالقصص والأمثال ونصب الأحكام والحدود ، والمأمور به في كل ذلك الإبلاغ بقدر الحاجة بمبالغة أو غيرها{[55769]} فمن لم ترده عن غيه النذارة ، وتقبل به إلى رشده{[55770]} البشارة ، حمل على ذلك بالسيف .

ولما كان ذلك في غاية الصعوبة ، لا يقوم به أحد إلا بمعونة من الله عظيمة ، أشار إلى ذلك بقوله : { بإذنه } أي بتمكينه لك من الدعاء بتيسير أسبابه ، وتحمل أعبائه ، وللمدعو من الإقبال والإتباع إن أراد له الخير .

ولما كان الداعي إلى الله يلزمه النور لظهور الأدلة قال : { وسراجاً } يمد البصائر فيجلي ظلمات الجهل بالعلم المبصر لمواقع الزلل كما يمد النور الحسي نور الأبصار . ولما كان المقام مرشداً إلى إنارته ، وكان من السرج ما لا يضيء ، و{[55771]} كان للتصريح والتأكيد شأن عظيم قال : { منيراً * } أي ينير على من أتبعه ليسير في أعظم ضياء ، ومن تخلف عنه كان في أشد ظلام ، {[55772]}فعرف من التقييد بالنور أنه محط الشبه ، وعبر به دون الشمس{[55773]} لأنه يقتبس منه ولا ينقص مع أنه من أسماء الشمس{[55774]} .


[55768]:وقع ما بين الرقمين في ظ بعد "إقبال المدعو".
[55769]:وقع ما بين الرقمين في ظ بعد "إقبال المدعو".
[55770]:من ظ ومد، وفي الأصل: الرشد.
[55771]:زيد من ظ ومد.
[55772]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55773]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55774]:زيد من ظ ومد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذۡنِهِۦ وَسِرَاجٗا مُّنِيرٗا} (46)

قوله : { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ } أي تبلغ الناس دعوة الحق وتحرضهم على الإيمان بالله وحده لا شريك له ، وتحذرهم الكفر والعصيان { بإذنه } أي تدعوهم لكل ذلك بأمر الله إياك .

قول : { وَسِرَاجًا مُنِيرًا } السراج معناه المضيء الزاهر . ومن المجاز : سَرَج الله وجهه أي حسَّنه وبهَّجه . والشمس سراج النهار والهدى سراج المؤمنين ، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، السراج الوهاج{[3755]} . والمراد : أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم للعالمين هاديا لهم ليهتدوا بدينه المشرق المنير ويستضيئون بنوره الذي جاء به من عند الله وهو الإسلام الذي كتبه الله للبشرية استنقاذا لهم من الضلالة إلى الهداية ، ومن الظلم والباطل إلى الحق والعدل . ذلكم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهو كالمصباح المضيء ينير للبشرية طريقها إلى النجاة بما يحمله للعالمين من عقيدة راسخة بنيت على الطهر والتوحيد والفضيلة .


[3755]:أساس البلاغة ص 292