ولما توعدهم على تفريطهم في جانب الله ، تشوفت{[44319]} النفس إلى ما لأضدادهم ، فكان كأنه قيل : فما{[44320]} لمن عاداهم{[44321]} في الله ؟ فقيل{[44322]} : الجنة ، فكأنه قيل :{[44323]} وما{[44324]} هي ؟ فقيل : إنها في الجلال ، وعلو الجمال ، وكرم الخلال ، مما تعالى{[44325]} عن المنال{[44326]} ، إلا بضرب الأمثال ، فقيل : ما مثلها ؟ فقيل : { مثل الجنة التي } ولما كان المقصود حصول الوعد الصادق ولا سيما وقد علم أن الواعد هو الله ، بنى للمفعول قوله : { وعد المتقون } والخبر محذوف تقديره : ما أقص عليكم{[44327]} ، وهو أنها بساتين : قصور وأشجار ، فقال الزجاج{[44328]} : الخبر جنة مخبر عنها بما ذكر ليكون تمثيلاً لما غاب عنا{[44329]} بما نشاهد { تجري } . ولما كانت - لو عمها الماء الجاري - بحراً لا بساتين ، أدخل الجار للدلالة على أنه خاص ببعض أرضيها{[44330]} فقال : { من تحتها } أي قصورها وأشجارها { الأنهار } وقيل : هذا المذكور هو الخبر كما تقول : صفة زيد أسمر{[44331]} .
ولما كان هذا ريّاً{[44332]} حقيقياً في أرض هي في غاية الخلوص والطيب ، كان سبباً لدوام ثمرها{[44333]} واستمساك ورقها ، فلذلك{[44334]} أتبعه قوله : { أكلها } أي ثمرها الذي يؤكل { دائم } لا ينقطع أبداً { وظلها } ليس كما في الدنيا ، لا ينسخ بشمس ولا غيرها ، قال أبو حيان{[44335]} : تقول : مثلت الشيء - إذا وصفته وقربته للفهم ، وليس هذا ضرب مثل ، فهو كقوله
{ ولله المثل الأعلى{[44336]} }[ النحل :60 ] ، أي الصفة العليا{[44337]} - كذا قال ، ويمكن أن يكون{[44338]} ذلك حقيقة ، ويكون هناك محذوف ، وهو جنة من جنان{[44339]} الدنيا تجري من تحتها الأنهار - إلى آخره ، وهو من{[44340]} قول الزجاج{[44341]} .
ثم ابتدأ إخباراً آخر تعظيماً لشأنها وتفخيماً لأمرها في قوله تعالى : { تلك } أي الجنة العالية{[44342]} الأوصاف { عقبى } أي آخر أمر { الذين اتقوا } ثم كرر الوعيد للكافرين فقال : { وعقبى } أي منتهى أمر { الكافرين } بالرحمن ، المتضمن للكفر بالوحي{[44343]} والموحى إليه { النار * } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.