ولما كان السياق سابقاً ولاحقاً للإنفاق علم أن التقدير : فما جمعتم من شيء فإن الله مطالبكم في وضعه وجمعه بوجه الحكمة ومحاسبكم على ذلك ، فعطف عليه حثّاً على الإسرار بالنفقة في الخير والوفاء بالنذر وتحذيراً من الإنفاق في المعصية ولو على أدق الوجوه بأنه يعلم ذلك كله ويجازي عليه قوله : { وما أنفقتم من نفقة } أي في وجه من الوجوه ، فدخل فيه جميع التوسعات المشروعات عند النكاح والختان والولادة واتخاذ المسكن وفي الدعوات للإخوان وغير ذلك .
ولما كان الإنسان كثيراً ما يخشى فوات{[13053]} أمر فينذر{[13054]} إن حصل بنفقة{[13055]} في وجه خير ونحو ذلك ولكن{[13056]} ربما ظن أن الترغيب في الإنفاق خاص بما ندب الله إليه ابتداء لا بما{[13057]} ألزمه الإنسان نفسه قال{[13058]} { أو نذرتم من نذر } وإدخال من لتأكيد الاستغراق . قال الحرالي : والنذر إبرام العدة بخير يستقبل فعله أو يرتقب{[13059]} له ما يلتزم به وهو أدنى الإنفاق لا سيما إذا كان على وجه الاشتراط ، قال صلى الله عليه وسلم : " إنما يستخرج به من البخيل " انتهى . { فإن الله } {[13060]}عظم الأمر{[13061]} بهذا الاسم الأعظم { يعلمه } ذكر الضمير لأنه{[13062]} مع وضوح{[13063]} عوده إلى المتقدم أشد تعظيماً للنذر{[13064]} لما قد يتوهم فيه من النقص{[13065]} عن مندوب{[13066]} الشرع فتحروا{[13067]} في طيب{[13068]} ذلك والوفاء به وجميع ما يدخل فيه من الأوامر والنواهي تحري من يطلب إرضاء ملك عظيم بما يهدي إليه ويعرضه عليه ، فما تصرفتم فيه بالحكمة من إنفاق أو غيره فالله سبحانه وتعالى يجازيكم عليه على حسب ما ذكر لكم من التضعيف ، ومن فعل منكم شيئاً منه{[13069]} على غير وجه الحكمة{[13070]} فهو ظالم واضع للشيء في غير موضعه فهو مردود عليه ومعاقب{[13071]} به وما له من ناصر ، هكذا كان الأصل ولكنه سبحانه وتعالى عم وعلق الحكم بالوصف{[13072]} فقال : { وما للظالمين{[13073]} } أي{[13074]} الواضعين للشيء في غير موضعه { من أنصار * } قال الحرالي : ففي{[13075]} إفهامه أن الله آخذ بيد السخي وبيد الكريم كلما عثر فيجد له نصيراً ولا يجد الظالم بوضع القهر موضع البر ناصراً ، وفيه استغراق نفي بما تعرب عنه كلمة من - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.