فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَتَفَرَّقُونَ} (14)

{ شفعاء } جمع شفيع ، والأصل فيه من يضم رأيه إلى رأيك فيصيران شفعا ، فالشفيع يسعى من تخليص من يشفع له .

{ يتفرقون } يتفرق المحشورون يوم الجمع إلى فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير .

{ ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين } والمجرمون ليس لهم يوم الحساب من شافعين ، ولا صديق حميم ، فأما ما أشركوه بالله تعالى في العبادة فإنه خاذلهم يومئذ لا محالة : )واتخذوا من الله آلهة ليكونوا لهم عزا . كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا( {[3292]} )وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين( {[3293]} .

وأما من شاركوهم في الضلال ، ودعوهم إلى الغي والخبال ، فإنهم لا عنوهم إذ يتخاصمون في النار ) . . كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون . وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون( {[3294]} ، ويقر المضللون أنهم هلكوا بطاعة الكبراء والمتسلطين )وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا( {[3295]} ، ولم يشفعوا لهم مع أنهم سبب كفرهم{ وكانوا } الواو قد تكون حالية ، والفعل ليس لما مضى بل للدلالة على الاستمرار ، وفي الآخرة لن يقترن الصالحون والمجرمون في مستقر واحد أبدا )فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى . فإن الجنة هي المأوى( {[3296]} .


[3292]:سورة مريم. الآيتان: 81، 82.
[3293]:سورة الأحقاف. الآية 6.
[3294]:سورة الأعراف. من الآية 38، والآية 39.
[3295]:سورة الأحزاب. الآيتان: 67-68.
[3296]:سورة النازعات. الآيات: من 37 إلى 41.