نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (13)

ولما كان فطم أنفسهم عن منع الأطفال والنساء شديداً عليهم لمرونهم{[20742]} عليه بمرور الدهور الطويلة على إطباقهم على فعله واستحسانهم له أتبعه سبحانه الترغيب والترهيب{[20743]} لئلا يغتر بوصف الحليم{[20744]} ، فقال معظماً للأمر بأداة البعد ومشيراً إلى جميع ما تقدم من أمر المواريث والنساء واليتامى وغيره : { تلك } أي هذه الحدود الجليلة النفع العظيمة الجدوى المذكورة من{[20745]} أول هذه السورة ، بل من أول القرآن { حدود الله } أي الملك الأعظم ، فمن {[20746]}راعاها - ولو{[20747]} لم يقصد طاعته ، بل رفعاً لنفسه عن دناءة الإخلاد{[20748]} إلى الفاني ومعرة{[20749]} الاستئثار على الضعيف المنبىء عن البخل وسفول الهمة - نال خيراً كبيراً ، فإنه يوشك {[20750]}أن يجره{[20751]} ذلك إلى أن يكون ممن يطيع الله { ومن يطع الله } الحائز لصفتي الجلال والإكرام { ورسوله } أي في جميع طاعاته{[20752]} هذه وغيرها ، بالإقبال عليها وترك ما سواها لأجله سبحانه ؛ قال الأصبهاني : " من " عام ووقوعه عقيب هذه التكاليف الخاصة لا يخصصه .

ولما تشوف السامع بكليته إلى الخبر{[20753]} التفت إليه تعظيماً للأمر - على قراءة نافع وابن عامر بالنون - فقال : { ندخله{[20754]} جنات } أي بساتين ، وقراءة الجماعة بالياء عظيمة{[20755]} أيضاً لبنائها على الاسم الأعظم وإن كانت هذه أشد تنشيطاً بلذة الالتفات { تجري من تحتها الأنهار } أي لأن أرضها معدن{[20756]} المياه ، ففي أي موضع أردت جرى نهر . فهي لا تزال يانعة{[20757]} غضة{[20758]} ، وجمع الفائزين بدخول الجنة في قوله : { خالدين فيها } تبشيراً بكثرة الواقف عند هذه الحدود ، و{[20759]}لأن منادمة الإخوان من أعلى نعيم الجنان .

ولما كان اختصاصهم بالإرث عن النساء والأطفال من الفوز عندهم ، بل لم يكن الفوز العظيم{[20760]} عندهم إلا الاحتواء على الأموال وبلوغ ما في البال منها من الآمال قال تعالى معظماً بأداة البعد : { وذلك } أي الأمر العالي المرتبة{[20761]} من الطاعة المندوب إليها { الفوز العظيم * } أي لا غيره من الاحتواء على ما لم يأذن به الله{[20762]} ، وهذا أنسب شيء لتقديم الترغيب لتسمح{[20763]} نفوسهم بترك ما كانوا فيه مع ما فيه من التلطف بهذه الأمة والتبشير له صلى الله عليه وسلم بأنها مطيعة راشدة .


[20742]:من ظ ومد، وفي الأصل: لمروحهم.
[20743]:زيد من مد.
[20744]:من مد، وفي الأصل وظ: الحكيم.
[20745]:من مد، وفي الأصل وظ: في .
[20746]:من مد، وفي الأصل: راعها و، وفي ظ: راها و ـ كذا.
[20747]:من مد، وفي الأصل: راعها و، وفي ظ: راها و ـ كذا.
[20748]:من ظ ومد، وفي الأصل: الأخلاق.
[20749]:من ظ ومد، وفي الأصل: بعدة ـ كذا.
[20750]:من مد، وفي الأصل وظ: السامحره ـ كذا.
[20751]:من مد، وفي الأصل وظ: السامحره ـ كذا.
[20752]:من ظ ومد، وفي الأصل: طاعته.
[20753]:في ظ: الخير.
[20754]:ورد في الأصول: يدخله ـ كذا بالغيبة على قراءة الجماعة وهي الشائعة في مصاحف بلادنا، ولكن أرجعناها إلى التكلم حسبما اختاره المفسر.
[20755]:في ظ: التحتانية.
[20756]:في مد: معادن.
[20757]:في ظ: تابعه.
[20758]:في ظ: عضه ـ كذا.
[20759]:زيد من مد.
[20760]:زيد من مد.
[20761]:سقط من ظ.
[20762]:من مد، وفي الأصل: لتسمع، وفي ظ: ليسمع.
[20763]:في ظ: وطيئة.