إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (13)

{ تِلْكَ } إشارةٌ إلى الأحكام التي تقدمت في شؤون اليتامى والمواريثِ وغيرِ ذلك { حُدُودُ الله } أي شرائعُه المحدودةُ التي لا تجوز مجاوزتُها { وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ } في جميع الأوامرِ والنواهي التي من جملتها ما فُصّل هاهنا ، وإظهارُ الاسمِ الجليلِ لما ذكر آنفاً { يُدْخِلْهُ جنات } نُصب على الظرفية عند الجمهورِ وعلى المفعولية عند الأخفشِ { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار } صفةٌ لجنات منصوبة حسب انتصابِها { خالدين فِيهَا } حالٌ مقدرةٌ من مفعول يدخِلْه ، وصيغةُ الجمعِ بالنظر إلى جمعية ( مَنْ ) بحسب المعنى كما أن إفرادَ الضميرِ بالنظر إلى إفراده لفظاً { وَذَلِكَ } إشارةٌ إلى ما مر من دخول الجناتِ الموصوفةِ على وجه الخلودِ ، وما فيه من معنى البُعدِ للإيذان بكمال علوِّ درجتِه { الفوز العظيم } الذي لا فوزَ وراءَه . وُصف الفوزُ وهو الظفرُ بالخير بالعظيم إما باعتبار مُتعلّقِه أو باعتبار ذاتهِ فإن الفوزَ بالعظيم عظيمٌ والجملةُ اعتراض .