{ تلك حدود الله } قيل : الإشارة بتلك إلى القسمة المتقدّمة في المواريث .
والأولى أن تكون إشارة إلى الأحكام السابقة في أحوال اليتامى والزوجات والوصايا والمواريث ، وجعل هذه الشرائع حدوداً ، لأنها مؤقتة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتعدوها إلى غيرها .
وقال ابن عباس : حدود الله طاعته .
{ ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } لما أشار تعالى إلى حدوده التي حدَّها قسَّم الناس إلى عامل بها مطيع ، وإلى غير عامل بها عاص .
وبدأ بالمطبع لأن الغالب على من كان مؤمناً بالله تعالى الطاعة ، إذ السورة مفتتحة بخطاب الناس عامّة ، ثم أردف بخطاب من يتصف بالإيمان إلى آخر المواريث ، ولأن قسم الخير ينبغي أن يبتدأ به وأن يعتني بتقديمه .
وحمل أولاً على لفظ من في قوله : يطع ، ويدخله ، فأفرد ثم حمل على المعنى في قوله : خالدين .
وانتصاب خالدين على الحال المقدرة ، والعامل فيه يدخله ، وصاحب الحال هو ضمير المفعول في يدخله .
قال ابن عطية : وجمع خالدين على معنى من بعد أن تقدم الإفراد مراعاة للفظ من ، وعكس هذا لا يجوز انتهى .
وما ذكر أنه لا يجوز من تقدم الحمل على المعنى ثم على اللفظ جائز عند النحويين ، وفي مراعاة الحملين تفصيل وخلاف مذكور في كتب النحو المطولة .
وقال الزمخشري : وانتصب خالدين وخالداً على الحال .
( فإن قلت ) : هل يجوز أن يكونا صفتين لجنات وناراً ؟ ( قلت ) : لا ، لأنهما جريا على غير من هما له ، فلا بد من الضمير وهو قولك : خالدين هم فيها ، وخالداً هو : فيها انتهى .
وما ذكره ليس مجمعاً عليه ، بل فرع على مذهب البصريين .
وأما عند الكوفيين فيجوز ذلك ، ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذا لم يلبس على تفصيل لهم في ذلك ذكر في النحو .
وقد جوز ذلك في الآية الزجاج والتبريزي أخذ بمذهب الكوفيين .
وقرأ نافع وابن عامر : ندخله هنا ، وفي : ندخله ناراً بنون العظمة .
وقرأ الباقون : بالياء عائداً على الله تعالى .
قال الراغب : ووصف الفوز بالعظم اعتبار يفوز الدّنيا الموصوف بقوله : { قل متاع الدنيا قليل } والصغير والقليل في وصفهما متقاربان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.