نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَلَمَّا عَتَوۡاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ} (166)

ولما ذكر ما هددهم به من العذاب الشديد ، أتبعه الهلاك فقال : { فلما عتوا } أي تكبروا جلافة ويبساً عن الانتهاء { عن ما نهوا عنه } أي بعد{[33846]} الأخذ بالعذاب الشديد ، وتجاوزوا إلى الاجتراء على جميع المعاصي عناداً وتكبراً بغاية الوقاحة وعدم المبالاة ، كان مواقعتهم لذلك الذنب وإمهالهم مع الوعظ أكسبتهم ذلك وغلظت أكبادهم عن الخوف بزاجر العذاب ، من عتا يعتو عتواً - إذا {[33847]}أقبل على الآثام{[33848]} ، فهو عات ، قال عبد الحق في كتابة الواعي : وقيل إذا أقدم{[33849]} على كل أموره ، ومنه هذه الآية ، وقيل : العاتي هو المبالغ في ركوب المعاصي ، وقيل{[33850]} : المتمرد الذي لا ينفع فيه الوعظ والتنبيه ، ومنه قوله سبحانه{ فعتوا عن أمر ربهم }{[33851]} أي جاوزوا المقدار والحد في الكفر - انتهى . وحقيقته : جاوزوا الأمر إلى النهي ، أو جاوزوا الائتمار بأمره ، والمادة ترجع إلى الغلظ والشدة والصلابة { قلنا لهم } أي بما لنا من القدرة العظيمة { كونوا قردة } أي في صورة{[33852]} القردة حال كونكم{[33853]} { خاسئين* } أي صاغرين مطرودين بعيدين{[33854]} عن الرحمة كما يبعد الكلب .


[33846]:- من ظ، وفي الأصل: ابدا.
[33847]:- في ظ: قدم على الآثار.
[33848]:- في ظ: قدم على الآثار.
[33849]:- في ظ: قدم.
[33850]:-سقط من ظ.
[33851]:- سورة 51 آية 44.
[33852]:- من ظ، وفي الأصل: صور.
[33853]:- من ظ، وفي الأصل: كونهم.
[33854]:- سقط من ظ.