نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ} (42)

ولما كان يوم القيامة في غاية الصعوبة{[69947]} وكان أحد مشغولاً بنفسه ، فكان لا علم له بتفاصيل ما يتفق لغيره ، وكان أولياء الله إذا دخلوا دار كرامته أرادوا العلم بما فعل بأعدائهم فيه سبحانه ، فتساءلوا عن حالهم{[69948]} فقال بعضهم لبعض : لا علم لنا ، فكشف الله -{[69949]} لهم عنهم حتى رأوهم في النار {[69950]}وهي{[69951]} تسعر بهم ليقر الله أعينهم بعذابهم ، زيادة في نعيمهم وثوابهم ، كما تقدم في الصافات عند قوله

{ قال قائل منهم إني كان لي قرين }[ الصافات : 51 ] وكان بساط -{[69952]} الكلام دالاً على هذا كله ، أشار لنا سبحانه إليه بقوله حكاية عما يقول لهم أولياؤهم توبيخاً وتعنيفاً وشماتة وتقريعاً{[69953]} تصديقاً لقوله تعالى

{ فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون }[ المطففين : 34 ] الآية ، ولتكون حكاية ذلك موعظة للسامعين وذكرى للذاكرين : { ما } هي محتملة للتوبيخ والتعجيب{[69954]} { سلككم } أي أدخلكم أيها المجرمون إدخالاً هو في غاية الضيق حتى كأنكم السلك في الثقب { في سقر * } فكان هذا الخطاب مفهماً لأنهم لما تساءلوا نفوا العلم عن أنفسهم ، وكان من المعلوم أن نفي العلم لأنهم شغلوا {[69955]}عن ذلك بأنفسهم{[69956]} وأنهم ما شغلوا - مع كونهم من أهل السعادة - إلا لأن ذلك اليوم عظيم الشواغل ، وكان من المعلوم أنه إذا تعذر عليهم علم أحوالهم من أهل الجنة وهم غير مريدين{[69957]} الشفاعة فيهم فلم يبق لهم طريق إلى علم ذلك لا يظن به التعريض للشفاعة إلا السؤال منهم عن أنفسهم في أنهم يخاطبونهم{[69958]} بذلك {[69959]}فيعلمون علمهم{[69960]} ليزدادوا بذلك غبطة وسروراً بما نجاهم الله من مثل حالهم ويكثروا{[69961]} من الثناء على الله تعالى بما وفقهم له وليكون ذلك عظة لنا بسماعنا إياه


[69947]:زيد في الأصل: يصير، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69948]:من ظ و م، وفي الأصل: أحوالهم.
[69949]:زيد من ظ.
[69950]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[69951]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[69952]:زيد من ظ.
[69953]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ و م فحذفناها.
[69954]:من ظ و م، وفي الأصل: التعجب.
[69955]:من ظ و م، وفي الأصل: بذلك لأنفسهم.
[69956]:من ظ و م، وفي الأصل: بذلك لأنفسهم.
[69957]:من م، وفي الأصل و ظ: مريدون.
[69958]:في ظ: مخاطبون.
[69959]:من ظ و م، وفي الأصل: فعيلموا عملهم.
[69960]:من ظ و م، وفي الأصل: فعيلموا عملهم.
[69961]:من ظ و م، وفي الأصل: يكثرون.