نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَقَدِ ٱبۡتَغَوُاْ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (48)

ولما أخبر سبحانه بذلك ، وحث على قبول أخبارهم{[36487]} بما وصف به ذاته الأقدس من إحاطة العلم ، شرع يقيم الدليل على ما قال بتذكيرهم بأشياء تقدمت مشاهدتها منهم ، فقال معللاً لما أخبر به : { لقد ابتغوا } أي طلبوا طلباً عظيماً كلهم لكم { الفتنة } أي لتشتيتكم { من قبل } أي قبل هذه الغزوة في يوم أحد بكسر قلوب العسكر بالرجوع عنه حتى كاد بعضهم أن يفشل وفي المريسيع بما قال ابن أبيّ { ليخرجن الأعز منها الأذل }{[36488]}[ المنافقون : 8 ] وفي غزوة الخندق بما وقع منهم من التكذيب في أخذ كنوز كسرى وقيصر والإرجاف بكم في نقض بني قريظة وغير ذلك كما{[36489]} صنعوا قبله في غزوة قينقاع والنضير في قصدهم تقوية{[36490]} كل منهم{[36491]} عليكم وفي غير ذلك من أيام الله التي عكس فيها قصودهم وأنعس جدودهم{[36492]} { وقلبوا } أي {[36493]}تقليباً كثيراً{[36494]} { لك الأمور } أي التي{[36495]} لك فيها أذى ظهراً لبطن بإحالة الآراء وتدبير المكايد والحيل لعلهم يجدون فرصة في نقض أمرك ينتهزونها أو ثغرة في حالة يوسعونها ، وامتد بهم الحال في هذا المحال { {[36496]}حتى جاء الحق{[36497]} } أي الثابت الذي لا مراء{[36498]} في مزاولته مما{[36499]} تقدم به وعده سبحانه من إظهار الدين وقمع المفسدين { {[36500]}وظهر{[36501]} أمر الله } أي المتصف بجميع صفات الكمال من الجلال والجمال حتى لا مطمع لهم في ستره{[36502]} { وهم كارهون* } أي لجميع ذلك فلم يبق لهم مطمع في محاولة بمواجهة ولا{[36503]} مخاتلة فصار همهم{[36504]} الآن الاعتزال والمبالغة في إخفاء الأحوال وستر الأفعال والأقوال .


[36487]:في ظ: أخباره.
[36488]:سورة 63 آية 8.
[36489]:في ظ: بما.
[36490]:من ظ، وفي الأصل: بقونه.
[36491]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36492]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36493]:تقدم ما بين الرقمين في ظ على "وقلبوا".
[36494]:تقدم ما بين الرقمين في ظ على "وقلبوا".
[36495]:في ظ: الذي.
[36496]:في ظ: أن الأمور.
[36497]:في ظ: أن الأمور.
[36498]:في ظ: مرام.
[36499]:في ظ: بما.
[36500]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36501]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36502]:من ظ، وفي الأصل: سره.
[36503]:سقط من ظ.
[36504]:في ظ: هممهم.