فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَقَدِ ٱبۡتَغَوُاْ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (48)

قوله : { لَقَدِ ابتغوا الفتنة مِن قَبْلُ } أي : لقد طلبوا الإفساد والخبال وتفريق كلمة المؤمنين وتشتيت شملهم من قبل هذه الغزوة التي تخلفوا عنك فيها . كما وقع من عبد الله بن أبيّ وغيره { ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } . قوله : { وَقَلَّبُواْ لَكَ الأمور } أي : صرّفوها من أمر إلى أمر ، ودبروا لك الحيل والمكائد ، ومنه قول العرب حوّل قلب إذا كان دائراً حول المكائد والحيل ، يدير الرأي فيها ويتدبره . وقرئ «وقلبوا » بالتخفيف { حتى جَاء الحق } أي : إلى غاية هي مجيء الحق ، وهو النصر لك والتأييد { وَظَهَرَ أَمْرُ الله } بإعزاز دينه ، وإعلاء شرعه ، وقهر أعدائه . وقيل : الحق : القرآن { وَهُمْ كارهون } أي : والحال أنهم كارهون لمجيء الحق وظهور أمر الله ، ولكن كان ذلك على رغم منهم .

/خ49