اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَقَدِ ٱبۡتَغَوُاْ ٱلۡفِتۡنَةَ مِن قَبۡلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلۡأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَظَهَرَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَهُمۡ كَٰرِهُونَ} (48)

{ لَقَدِ ابتغوا الفتنة مِن قَبْلُ } . أي : طلبُوا صد أصحابك عن الدِّين وردهم إلى الكُفْرِ ، وتخذيل النَّاس عنكَ قبل هذا اليوم ، كفِعْلِ عبد الله بن أبيّ يوم أحد حين انصرف عنك بأصحابه . وقال ابنُ جريج : هو أنَّ اثني عشر رجلاً من المنافقين ، وقفوا على ثنية الوداع ليلة العقبة ، ليفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم{[17857]} .

قوله : { وَقَلَّبُواْ لَكَ الأمور } . قرأ مسلمة{[17858]} بن محارب " وقلبُوا " مخففاً . والمرادُ بتقليب الأمر : تصريفه وترديده ، لأجل التدبر والتأمل فيه ، أي : اجتهدوا في الحيلةِ والكيدِ لك يقال للرجل المتصرف في وجوه الحيل : فلان حُوَّلٌ قلبٌ ، أي : يتقلب في وجوه الحيل .

ثم قال تعالى : { حتى جَآءَ الحق } أي : النصرُ والظفرُ .

وقيل : القرآن . { وَظَهَرَ أَمْرُ الله } دين الله . { وَهُمْ كَارِهُونَ } حالٌ ، والرَّابط الواو ؛ أي : كارهون لمجيء الحق ولظهور أمر الله .


[17857]:ذكره الرازي في "تفسيره" (16/67).
[17858]:ينظر: الكشاف 2/277، المحرر الوجيز 38/41، البحر المحيط 5/52، الدر المصون 3/470.