نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٖ مِّنۡ عِندِهِۦٓ أَوۡ بِأَيۡدِينَاۖ فَتَرَبَّصُوٓاْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52)

ولما تضمن ذلك أن سراءهم وضراءهم لهم خير من حيث أن الرضى بمر القضاء موجب لإقبال القاضي على المقضي{[36528]} عليه بالرأفة والرحمة ، صرح بذلك في قوله : { قل هل تربصون } أي تنتظرون انتظاراً عظيماً { بنا إلا إحدى الحسنيين } أي وهي أن نصيب أعداءنا فنظفر ونغنم ونؤجر أو يصيبونا بقتل{[36529]} أو غيره فنؤجر ، وكلا الأمرين حسن : أما السراء التي توافقوننا{[36530]} على حسنها فأمرها واضح ، وأما الضراء فموجبة لرضى الله عنا ومثوبته لنا بالصبر عليها ورضانا بها إجلالاً له وتسليماً لأمره فهي{[36531]} حسنى كما نعلم لا سوأى كما تتوهمون { ونحن نتربص بكم } أي ننتظر إحدى السوأيين وهي { أن يصيبكم الله } أي الذي له جميع القدرة ونحن من حزبه { بعذاب من عنده } أي لا تسبب لنا فيه كما أهلك القرون الأولى بصائر للناس { أو بأيدينا } أي بسببنا من قتل أو نهب وأسر وضرب وغير ذلك لأن حذركم لا يمنعكم من الله ، وكل ذلك مكروه عندكم .

ولما تسبب عن هذا البيان أن السوء خاصة بحزب الشيطان ، حسن أن يؤمروا تهكماً بهم{[36532]} {[36533]}بما أداهم{[36534]} إلى ذلك تخسيساً لشأنهم فقال : { فتربصوا } أي أنتم { إنا } أي نحن { معكم متربصون* } أي بكم ، نفعل كما تفعلون ، والقصد{[36535]} مختلف ، والآية{[36536]} من الاحتباك : حذف أولاً الإصابة للدلالة عليها بما أثبت ثانياً ، وثانياً إحدى السوأيين للدلالة عليها بإثبات الحسنيين أولاً .


[36528]:من ظ، وفي الأصل: المقتضي.
[36529]:من ظ، وفي الأصل: بعتد.
[36530]:في ظ: توافقونها.
[36531]:في ظ: فهو.
[36532]:زيد من ظ.
[36533]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36534]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[36535]:من ظ، وفي الأصل: الفصل.
[36536]:زيد بعده في الأصل: مبنيا، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.