نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ} (13)

ولما كان التقدير حتماً كما هدى إليه السياق ما قدرته من جواب السؤالين ، بنى عليه قوله زيادة في التوبيخ والتعجيب والتقريع استفهاماً عن حال لهذا الناهي مناف للحال الأول ، معيداً الفعل إيضاحاً لذلك : { أرءيت } أي أخبرني أيها السامع ولا تستعجل { إن كذب } أي أوقع هذا الناهي التكذيب بأن المصلي على الهدى بخدمة سيده المتفق على سيادته ، فكان بذلك مرتكباً للضلال الذي لا شك في كونه ضلالاً ، ولا يدعو إليه إلا الهوى .

ولما كان المكذب قد لا يترك من كذبه ، أشار إلى أن حال هذا على غير ذلك فقال : { وتولى * } أي وكلف فطرته الأولى بعد معالجتها الإعراض عن قبول الأمر بالتقوى ، وذلك التولي إخراب الباطن بالأخلاق السيئة الناشئة عن التكذيب ، وإخراب الظاهر بالأعمال القبيحة الناشئة عن التكذيب ، والجواب محذوف تقديره : ألم يكن ذلك التولي والتكذيب شراً له ؛ لأن التكذيب والتولي من غير دليل شر محض ، فكيف إذا كان الدليل قائماً على ضدهما .