فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَرَءَيۡتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ} (13)

{ أرأيت إن كذب وتولى } يعني أبا جهل كذب بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتولى عن الإيمان ، وقوله { أرأيت } في الثلاثة المواضع بمعنى أخبرني ، لأن الرؤية لما كانت سببا للإخبار عن المرئي أجرى الاستفهام عنها مجرى الاستفهام عن متعلقها ، والخطاب لكل من يصلح له .

وقد ذكر هنا أرأيت ثلاث مرات ، وصرح بعد الثالثة منها بجملة استفهامية ، فيكون في موضع المفعول الثاني لها ، ومفعولها الأول محذوف وهو ضمير يعود على الذي ينهى الواقع مفعولا أول لأرأيت الأولى ، ومفعول أرأيت الأولى الثاني محذوف ، وهو جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد أرأيت الثانية ، وأما أرأيت الثانية فلم يذكر لها مفعول لا أول ولا ثان ، حذف الأول لدلالة مفعول أرأيت الثالثة عليه ، فقد حذف الثاني من الأولى ، والأول من الثالثة ، والاثنان من الثانية ، وليس طلب كل من رأيت للجملة الاستفهامية على سبيل التنازع ، لأنه يستدعي إضمارا ، والجمل لا تضمر إنما تضمر المفردات ، وإنما ذلك من باب الحذف للدلالة .

وأما جواب الشرط المذكور مع أرأيت في الموضعين الأخيرين فهو محذوف تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى .