التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{مَا ٱلۡقَارِعَةُ} (2)

( 1 ) القارعة : التي تقرع الآذان لشدتها ، وهي كناية عن يوم القيامة ، وقد ذكرت بهذا المعنى بصيغة أصرح في سورة الحاقة { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } [ 4 ] .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ القارعة( 1 ) ما القارعة1( 2 ) وما أدراك ما القارعة( 3 ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث2( 4 ) وتكون الجبال كالعهن3 المنفوش( 5 ) فأما من ثقلت موازينه( 6 ) فهو في عيشة راضية( 7 ) وأما من خفت موازينه( 8 ) فأمه4 هاوية5( 9 ) وما أدراك ماهيه( 10 ) نار حامية } [ 1-11 ] .

أسلوب الآيتين الأوليين استرعائي إلى يوم القيامة ، للإنذار بهوله وشدته ، وهو من أساليب النظم المتكرر في متون السور وفي مطالعها ، وتعبير { وما أدراك ما القارعة } بسبيل تعظيم أمرها وهولها . والآيتان التاليتان لهما احتوتا وصفا لما يكون عليه الناس والجبال في هذا اليوم بسبيل توكيد هوله وشدته أيضا . والآيات الأربع الأخيرة احتوت تصنيف الناس حسب أعمالهم حيث يكونون فريقين : فريقا موازينه ثقيلة ، فمصيره الطمأنينة ، والعيش الرضي ، وآخر خفيفة ، فمصيره أعماق النار الحامية .

وتشبيه الناس بالفراش المبثوث والجبال بالعهن المنفوش مستمد من مألوفات الناس ومدركاتهم ، فالفراش دائم الاضطراب والتحويم والانتشار ، وسيكون الناس كذلك يوم القيامة من شدة القلق والرعب ، والجبال معروفة بصلابتها وصخورها ورسوخها في الأرض ، وارتفاعها في السماء . فأريد إفهام السامعين أن أشد ما يعرفونه صلابة ورسوخا يتفكك وينحل ويصبح كالعهن المنفوش رخاوة ولينا وخفة من شدة الهول ، وقد تنوع وصف حالة الجبال في يوم القيامة ، ومر من ذلك مثال في سورة المزمل . وهذا التنوع قد يدل على ما قلناه من أن القصد بهذا الوصف وأمثاله توكيد هول يوم القيامة وشدته .