إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مَا ٱلۡقَارِعَةُ} (2)

{ القارعة } القرعُ هو الضربُ بشدةٍ واعتمادٍ بحيثُ يحصلُ منهُ صوتٌ شديدٌ ، وَهيَ القيامةُ التي مبدؤُهَا النفخةُ الأُولى ومُنتهاهَا فصلُ القضاءِ بينَ الخلائقِ كما مرَّ في سورةِ التكويرِ ، سميتْ بَها لأنَّها تقرعُ القلوبَ والأسماعَ بفنونِ الأفزاعِ والأهوالِ ، وتُخْرِجُ جميعَ الأجرامِ العلويةِ والسفليةِ منْ حالٍ إلى حالٍ : السماءَ بالانشقاقِ والانفطارِ ، والشمسَ والنجومَ بالتكويرِ والانكدارِ والانتشارِ ، والأرضَ بالزلزالِ والتبديلِ ، والجبالَ بالدكِّ والنسفِ ، وهيَ مبتدأٌ خبرُهُ قولُه تعالَى : { مَا القارعة } على أنَّ مَا الاستفهاميةَ خبرُ القارعةِ مبتدأٌ لا بالعكسِ لما مرَّ غيرَ مرةٍ أنَّ محطَّ الفائدةِ هُوَ الخبرُ لا المبتدأُ ، ولا ريبَ في أنَّ مدارَ إفادةِ الهولِ والفخامةِ ههَنا هُو كلمةُ مَا ، لاَ القارعةِ ، أَيْ أَيُّ شيءٍ عجيبٍ هيَ في الفخامةِ والفظاعةِ ، وقد وضعَ الظاهرَ موضعَ الضميرِ تأكيداً للتهويل . .