جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (82)

{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } : لم يخلطوه بشرك{[1463]} ، { أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } : وقد صح أنها لما نزلت قد شق على الصحابة ، وقالوا : أينا لم يظلم نفسه ، فقال –عليه الصلاة والسلام- : ( ليس كما تظنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) ( لقمان : 130 ) ( إنما هو الشرك ){[1464]} ، وقد فسره السلف بذلك ، والمراد من الخلط النفاق ، أو المراد من الإيمان مجرد تصديقه وشركه عدم توحيده ، أو المراد الثبات على الإيمان وكثير من الناس يزعمون إيمانهم وهم عنه بمراحل لفساد عقيدتهم بصفة من صفات الله .


[1463]:بشرك تفسير الظلم بالشرك عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قد صح عن البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد والترمذي وغيرهم، وقد صح عن جم غفير من السلف والإنكار منكر من القول هذا ما في الوجيز وفي الفتح، والعجب عن صاحب الكشاف حيث يقول في تفسير هذه الآية: وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس وهو لا يدري أن الصادق المصدوق قد فسرها بهذا وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وفي زاده علي البيضاوي: وذهب المعتزلة إلى أن المراد بالظلم في الآية المعصية لا الشرك بناء على أن خلط إحدى الشيئين بالآخر يقتضي اجتماعهما ولا يتصور خلط الإيمان بالشرك لأنهما ضدان لا يجتمعان وهذه الشبهة ترد عليهم بأن يقال: كما أن الإيمان لا يجامع الكفر فكذلك المعصية لا تجامع الإيمان عندكم لكونه اسم لفعل الطاعات واجتناب المعاصي فلا يكون مرتكب الكبيرة مؤمنا عندكم انتهى/12.
[1464]:أخرجه البخاري في (التفسير)/باب: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (4629) وفي غير موضع في صحيحه ومسلم في (الإيمان)/باب: صدق الإيمان وإخلاصه.