قوله : " الَّذِينَ آمَنُوا " هل هو من كلام إبراهيم ، أو من كلام قومه ، أو من كلام اللَّهِ تعالى ؟ ثلاثة أقوالٍ ، وعليها يَتَرتَّبُ الإعرابُ .
فإن قلنا : إنها من كلام إبراهيم كانت جواباً عن السؤال في قوله " فأيُّ الفَريقَيْنِ " .
وكذا إن قلنا : إنها كلام قومه ، وأنهم أجابوا بما هو حُجَّة عليهم كأن الموصول خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هم الذين آمنوا ، وإن جعلناه من كلام اللَّهِ تعالى ، وأنَّهُ أمَرَ نَبِيَّهُ بأن يجيب به السُّؤال المتقدم ، فكذلك أيضاً .
وإن جعلناه لِمُجَرَّدِ الإخبار من الباري - تعالى – كان الموصول مبتدأ ، وفي خبره أوجه :
أحدها : أنه الجملة بعده ، فإن " أولئك " ، و " أولئك " مبتدأ ثانٍ ، و " الأمن " مبتدأ ثالث ، و " لهم " خبره ، والجملةُ خَبَرُ " أولئك " ، و " أولئك " وخبره خبر الأوَّلِ .
الثاني : أن يكون " أولئك " بَدَلاً أو عطف بَيَان ، و " لهم " خبر الموصول ، و " الأمن " فاعلٌ به لاعتماده .
الثالث : كذلك ، إلا أنَّ " لهم " خبرٌ مقدَّم ، و " الأمن " مبتدأ مؤخر ، والجُمْلَةُ خبر الموصُول .
الرابع : أن يكون " أولئك " مبتدأ ثانياً ، و " لهم " خبره ، و " الأمن " فاعل به ، والجملةُ خبر الموصول .
الخامس : وإليه ذهب أبو جَعْفَرٍ النحاسُ ، والحوفي أن " لهم الأمن " خبر الموصول ، وأن " أولئك " فَاصِلَةٌ ، وهو غريب ؛ لأن الفَصْلَ من شَأنِ الضمائر لا من شَأنِ أسماء الإشارة .
وأمَّا على قولنا بأن " الذين " خبر مبتدأ محذوف ، فيكون " أولئك " مبتدأ فقط ، وخبره الجملة بعده ، أو الجار وَحْدَهُ ، و " الأمْن " فاعل به ، والجملة الأولى على هذا مَنْصُوبةٌ بقولٍ مُضْمَرٍ ، أي : قُلْ لهم الذين آمنوا إن كانت من كلام الخليل ، أو قالوا هم الذين إن كانت من كلام قومه .
قوله : " وَلَمْ يَلْبِسُوا " يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنها مَعْطُوفَةٌ على الصِّلةِ ، فلا مَحلَّ لها حينئذٍ .
والثاني : أن تكون الواو للحال ، الجملة بعدها في محلِّ نصبٍ على الحال ، أي : آمنوا غير مُلْبسينَ بِظُلْم .
وهو كقوله تعالى : { أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } [ مريم :20 ] ، ولا يُلْتَفَتُ إلى قول ابن عصفور ، حيث جعل وقوع الجُمْلَةِ المنفية حالاً قليلاً ، ولا إلى قَوْلِ ابن خَرُوفٍ ، حيث جعل الواو واجِبَة الدخول على هذه الجملة ، وإن كان فيها ضَمِيرٌ يعود على الحالِ .
والجمهور{[14393]} على " يَلْبِسُوا " بفتح الياء بمعنى " يخلطونه " .
وقرأ{[14394]} عكرمةُ بضمها من الإلْبَاسِ . " وهُمْ مُهْتَدُونَ " يجوز اسْتِئْنَافُهَا وحاليتها .
روى عَلْقَمَةُ عن عَبْدِ اللَّهِ قال : لما نزلت { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } شقَّ ذلك على المُسلمينَ ، فقالوا : يا رسول اللَّهِ ، فأيُّنَا لا يَظْلِمُ نفسه ، فقال : لَيْسَ ذلِكَ ، إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ، ألَمْ تَسْمَعُوا إلى ما قال لُقْمان لابنه : { يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }{[14395]} [ لقمان :13 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.