نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (82)

ثم وصل بذلك دلالة على أنه لا علم لهم أصلاً ليخبروا عما سئلوا عنه قولَه{[30173]} مستأنفاً : { الذين آمنوا } أي أوجدوا هذا الفعل { ولم } أي وصدقوا دعواهم بأنهم لم { يلبسوا إيمانهم } أي يخالطوه ويشوبوه { بظلم } .

ولما كان المعنى : أحق بالأمن ، عدل عنه إلى قوله مشيراً إليهم بأداة البعد تنبيهاً على علو{[30174]} رتبتهم : { أولئك لهم } أي خاصة { الأمن } أي لما تقدم من وصفهم { وهم مهتدون } أي وأنتم ضالون ، فأنتم هالكون لإشرافكم على المهالك " وتفسيرُ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرج الشيخان{[30175]} والترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لهذا الظلم المطلق في قوله تعالى { بظلم } بالشرك " الذي هو ظلم موصوف بالعظم في قوله تعالى{ إن الشرك لظلم{[30176]} عظيم }[ لقمان : 13 ] تنبيه للصحابة رضوان الله عليهم على أن هذا التنوين للتعظيم ، ولأنهم أهل اللسان المطبوعون فيه صفوا بذلك واطمأنوا إليه ، ولا شك أن السياق كله في التنفير عن الشرك ، وأنه دال على{[30177]} الحث على التبريء{[30178]} عن قليل الشرك وكثيره ، فآل الأمر إلى أن المراد : ولم يلبسوا إيمانهم بشيء من الشرك ، فالتنوين حينئذٍ للتحقير كما هو للتعظيم ، فهو من استعمال الشيء في حقيقته ومجازه أو في معنيه المشترك فيهما لفظه معاً - والله أعلم .


[30173]:زيد من ظ.
[30174]:زيد من ظ.
[30175]:في ظ: البخاري.
[30176]:سورة 31 آية 13.
[30177]:من ظ، وفي الأصل: النهي عن التنزه- كذا.
[30178]:من ظ، وفي الأصل: النهي عن التنزه- كذا.