لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (82)

{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم }وهذا فصل قضاه الله بين إبراهيم وبين قومه يعني أن الذين يستحقون الأمن يوم القيامة هم الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم . وقيل : هو من تمام كلام إبراهيم في المحاجَّة لقومه . والمعنى : إن الذين يحصل لهم الأمن يوم القيامة هم الذين آمنوا يعني آمنوا بالله وحده ولم يشركوا به شيئاً ولم يلبسوا إيمانهم بظلم يعني ولم يخلطوا إيمانهم بشرك ( ق ) . عن ابن مسعود قال : لما نزلت { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على المسلمين وقالوا أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ليس ذلك إنما هو الشرك ألم تسمعوا قول لقمان لابنه { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لَظلم عظيم } » وفي رواية ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه وذكره . وقيل : في معنى قوله ولم يلبس إيمانهم بظلم ، يعني : ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم وذلك بأن يفعل بعض ما نهى الله عنه أو يترك ما أمر الله به فعلى هذا القول تكون الآية على العموم لأن الله لم يخص معنى من معاني الظلم دون غيره والصحيح أن الظلم المذكور في هذه الآية هو الشرك لما تقدم من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم فسَّر الظلم هنا بالشرك وفي الآية دليل على أن من مات لا يشرك بالله شيئاً كانت عاقبته الأمن من النار لقوله { أولئك } يعني الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم { لهم الأمن } يوم القيامة من عذاب النار { وهم مهتدون } يعني إلى سبيل الرشاد .