معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

وقوله : { وَاتَّقُواْ يَوْما لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً . . . }

فإنه قد يعود على اليوم والليلة ذِكْرُهما مرّة بالهاء وحدها ومرة بالصِّفَة فيجوز ذلك ؛ كقولك : لا تجزى نفس عن نفس شيئا وتضمر الصفة ، ثم تظهرها فتقول : لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا . وكان الكسائي لا يجيز إضمار الصفة في الصلات ويقول : لو أجزت إضمار الصفة ها هنا لأجزت : أنت الذي تكلمتُ وأنا أريد الذي تكلمتُ فيه . وقال غيره من أهل البصرة : لا نجيز الهاء ولا تكون ، وإنما يضمر في مثل هذا الموضع الصفة . وقد أنشدني بعض العرب :

يا رُبَّ يَوْم لو تَنَزّاهُ حول *** أَلْفَيْتَنى ذا عنزٍ وذا طول

وأنشدنى آخر :

قد صَبَّحتْ صبَّحها السّلامُ *** بِكَبِدٍ خالَطها سَنامُ

*** في ساعة يُحَبُّها الطّعامُ ***

ولم يقل يُحَبّ فيها . وليس يدخل على الكسائيّ ما أدخل على نفسه ؛ لأن الصفة في هذا الموضع والهاء متّفق معناهما ، ألا ترى أنك تقول : آتيك يومَ الخميس ، وفي يوم الخميس ، فترى المعنى واحدا ، وإذا قلت : كلمتُك كان غيرَ كلّمتُ فيك ، فلما اختلف المعنى لم يجز إضمار الهاء مكان " في " ولا إضمار " في " مكان الهاء .

/خ48