الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَمۡ يَكُونُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُواْ يَسۡتَطِيعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُواْ يُبۡصِرُونَ} (20)

قوله تعالى : { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ } : يجوز في " ما " هذه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أن تكونَ نافيةً ، نفى عنهم ذلك لمَّا لم ينتفعوا به ، وإن كانوا ذوي أسماع وأبصار ، أو يكونُ متعلَّقُ السمعِ والبصرِ شيئاً خاصاً . والثاني : أن تكون مصدريةً ، وفيها حينئذٍ تأويلان ، أحدهما : أنها قائمة مقامَ الظرف ، أي : مدةَ استطاعتهم ، وتكون " ما " منصوبةً ب " يُضاعف " ، أي : يضاعف لهم العذاب مدةَ استطاعتهم السمعَ والأبصار . والتأويل الثاني : أنها منصوبةُ المحلِّ على إسقاط حرف الجر ، كما يُحذف من أنْ وأنَّ أختيها ، وإليه ذهب الفراء ، وذلك الجارُّ متعلقٌ أيضاً ب " يُضاعَف " ، أي : يضاعف لهم بكونهم كانوا يسمعون ويبصرون ولا يَنْتفعون . الثالث : أن تكون " ما " بمعنى الذي ، وتكونَ على حذف حرف الجر أيضاً ، أي : بالذي كانوا ، وفيه بُعْدٌ لأنَّ حَذْفَ الحرفِ لا يَطَّرد .

والجملةُ من قوله " يُضاعف " مستأنفة . وقيل : إنَّ الضمير في قوله : " ما كانوا " يعودُ على " أولياء " وهم آلهتُهم ، أي : فما كان لهم في الحقيقة مِنْ أولياء " ، وإن كانوا يعتقدون أنهم أولياءُ ، فعلى هذا يكون { يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ } معترضاً .