الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَٰقَوۡمِ لَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مَالًاۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۚ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۚ إِنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَلَٰكِنِّيٓ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمٗا تَجۡهَلُونَ} (29)

والضمير في " عليه " يجوز أن يعودَ على الإِنذار المفهوم من " نذير " ، وأن يعودَ على الدين الذي هو المِلَّة ، وأن يعود على التبليغ . وقُرِىء " بطاردٍ الذين " بتنوين " طاردٍ " قال الزمخشري : " على الأصل " . يعني أن أصل اسم الفاعل بمعنى الحال والاستقبال العملُ ، وهو ظاهرُ قولِ سيبويه . قال الشيخ : " ويمكن أن يُقال : الأصلُ الإِضافةُ لا العملُ ؛ لأنه قد اعتوره شَبَهان ، أحدهما : لشَبَهه بالمضارع وهو شَبَهٌ بغير جنسه ، والآخر : شَبَهُه بالأسماء إذا كانت فيه الإِضافة ، فكان إلحاقُه بجنسه أَوْلى " .

وقوله { إِنَّهُمْ مُّلاَقُو } استئنافٌ يفيدُ التعليل . وقوله : " تَجْهلون " صفةٌ لا بُدَّ منها إذ الإِتيانُ بهذا الموصوفِ دون صفتِه لا يفيد ، وأتى بها فعلاً ليدلَّ على التجدُّد كلَّ وقت .